وثانيهما : انه ادّعي ان الظاهر من المشتقات هو زمان الحال ، اما لدعوى الانسباق من الاطلاق ، اي للتبادر (الاطلاقي) المستند الى كثرة الاستعمال في قبال التبادر (الحاقي) المستند الى الوضع ، واما بمعونة قرينة الحكمة. فان اللافظ لو اراد من المشتق غير زمان الحال لكان عليه البيان ، وحيث لم يبيّن فهو المراد.
لانا نقول : ان تبادر زمان الحال من المشتق لا يكون علامة للحقيقة ، وعلى وضع المشتق لزمان الحال. لان التبادر الحاقي كاشف عن الوضع كشفا آنيا دون التبادر الاطلاقي المستند الى كثرة الاستعمال ، لانه يعين المراد من اللفظ سواء كان معنى حقيقا أم كان معنى مجازيا دون الموضوع له.
اعلم ان المصنف لم يجب عن الامر الاول وكانه غفل عنه في مقام الجواب ووجّه كلامه الى الجواب عن الامر الثاني فقط ، فقال : انا لا ننكر هذا الانسباق ، اي انسباق زمان الحال من المشتقات اما للاطلاق أو بمعونة القرينة ولكن نزاع الاصوليين في المسألة قد وقع في هذا العنوان ، في تعيين ما وضع المشتق له لا تعيين ما يراد بالقرينة من المشتق ، اي بقرينة انصراف اطلاق لفظ الحال الى حال النطق ، والى زمان الحال المتوسط بين زمان الماضي وبين زمان الاستقبال ، أو بقرينة الحكمة بعد تمامية مقدمات الحكمة هذه التي تعيّن من المشتق زمان الحال ، فهذا التبادر الاطلاقي يعيّن المراد من المشتق ولا يعيّن ما وضع له المشتق.
واما الجواب عن الامر الاول : هو ان يقال ان الظاهر من لفظ الحال في العنوان ـ وان كان هو زمان الحال ـ إلّا ان هذا الظهور لا يقاوم مع الدليل القطعي الذي اقمناه على كون المراد في العنوان هو حال التلبس لا حال النطق ، لضرورة ان مثل (كان زيد ضاربا امس) أو (سيكون ضاربا غدا) حقيقة بلا خلاف ، فلو كان المراد حال النطق لكان المثال الاول من محل الاختلاف ، ويكون المثال الثاني مجازا قطعا.