وبالواسطة مجازا كصيرورة وجه الانسان اسود بواسطة الشمس ، فاسناد الاسود الى الشمس يكون مجازا والى ذي الواسطة وهو وجه الانسان حقيقة.
والثاني : الواسطة في الاثبات يحصل من العلم به العلم بشيء آخر كما يحصل من العلم بحرارة جسم زيد العلم بتعفّن اخلاطه.
والثالث : الواسطة في العروض التي ينسب فيها العرض الى الواسطة حقيقة كالسفينة ، والى ذي الواسطة مجازا كالجالس فيها ، فحمل الحركة عليها على ما هو له وحمل الحركة عليه ـ أي على الجالس ـ على غير من هو له ، والمقصود هو الثالث في هذا المقام.
اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم انّه لو جعلنا مناط العرض الذاتي امرا مساويا سواء كان داخليا أو خارجيا بناء على اتحاد موضوع العلم مع موضوعات مسائله عينا ، يلزم خروج جميع المسائل عن كونها مسائل العلم لانّ الاحكام في علم الفقه تعرض على موضوعاتها بواسطة الأمر الاعم الخارجي ، وهو المصالح الواقعية والمفاسد الواقعية اللتان توجبان للتشريع ، وكذا الامر في مسألة حجيّة الخبر الواحد (في مسألة الخبر الواحد) التي تعرض الخبر بواسطة الأمر المباين وهو جعل الشارع اياه طريقا الى الواقع ، وكذا يخرج نحو الفاعل مرفوع والمفعول منصوب عن مسائل علم النحو لانّ الرفع والنصب يعرضان عليهما بواسطة الأمر الخارج الاخص من موضوعه وهو الكلمة ، اذ عنوان الفاعلية والمفعولية اخص منها وخارج عن حقيقتها ، فلذا جعل مناط العرض الذاتي عدم الواسطة في العروض حتى لا تخرج الامور المذكورة عنها ، لان الاحكام في علم الفقه تعرض على موضوعاتها بلا واسطة في العروض ، وكذا سائر العلوم ، اي عن مسائل العلم.
الامر الثاني : في المسائل ، وهي القضايا التي يختلف موضوعها ومحمولها والأدلة التي تدل على ثبوته له فهي مبادئ تصديقية ، ولذا تكون الاحكام احدى مداليل الأدلة ، وتصور الموضوع واجزائه وجزئياته يسمى بالمبادئ التصورية.
فاجزاء العلوم ثلاثة : الموضوع والمسائل والمبادئ. مثلا : موضوع علم الفقه