والوحدة الاعتبارية ، مع انه في الحمل مطلقا لا بد ان يكون هناك نحو من الاتحاد والهوهوية الحقيقية ، اما مفهوما ومصداقا ك (الانسان حيوان ناطق) أو مصداقا فقط ـ أي حملها على الانسان ـ ك (ضاحك) أو (كاتب). غاية الامر ، انه اذا كان الموضوع والمحمول متحدين مفهوما وماهية وخارجا كما في قولك (الانسان انسان) أو (بشر) فلا بد حينئذ من فرض المغايرة بينهما بالاجمال والتفصيل بان يكون الاول الذي هو موضوع القضية ، اشارة الى مجرد الذات ، والثاني اشارة الى الذات مع ذاتياتها التي تمتاز الذات بسببها عما عداها وتلك ك (الحيوان) و (الناطق) في تعريف الانسان ، وإلّا لم يصح الحمل ، اي حمل احدهما على الآخر لكونه لغوا.
وثالثها : ان الحمل يقتضي تغايرا حقيقيا مع انه مانع عن الحمل ما دام لم يكن الاتحاد الخارجي موجودا بين المحمول عليه وبين المحمول كما هو ظاهر.
قوله : الرابع لا ريب في كفاية مغايرة المبدإ مع ما يجري المشتق عليه مفهوما وان اتحدا عينا وخارجا ، فصدق الصفات مثل (العالم) و (القادر) و (الرحيم) و (الكريم) الى غير ذلك من صفات الكمال والجلال تصدق عليه تعالى ... الخ».
الغرض المهم من الامر الرابع بيان كيفية حمل صفات الباري جلّ وعلا مثل : العلم والقدرة والحياة والارادة والادراك وغير ذلك من صفات الجلال والكمال على ذات الباري عزّ اسمه ، وجلّ جلاله ، وعمّ نواله ، لا إله الا هو وحده لا شريك له ، فان صفات الباري عزّ اسمه تكون عين ذاته ولا تكون حالّة في محل ولا عارضة في معروض كما ثبت هذا بالبرهان العقلي في محله ، فاذا كان الامر كذلك فكيف يصح ان يقال (الله عالم وقادر وحيّ) و ... لان مفهوم لفظ الجلالة ومفهوم لفظ العالم والقادر مثلا ، هو واجب الوجود كما ان مصداقهما هو واجب الوجود فيتحد الموضوع والمحمول في مثل قولك (الله عالم) مفهوما ومصداقا.
والحال انه لا بد في الحمل من التغاير المفهومي ومن الاتحاد المصداقي حتى يصح الحمل ، ولو كان التغاير اعتباريا. وهذا غير ممكن هنا لمقام عينية الصفات والذات المقدس الباري عزّ اسمه.