انتزاع المبدإ عن الذات الموصوف مفهوما اي انتزاعا مفهوميا مع اتحاد المبدإ مع ذات الموصوف خارجا كما في صفات الباري عزّ اسمه ، كما اشار المصنف اليه في اول التنبيه الرابع ، وقد يكون بنحو انتزاع المبدإ عن الذات الموصوف مع عدم تحقق للمبدإ الا لمنشإ الانتزاع ، كما في الزوج والزوجة والحرّ والرقّ والملك والسابق والمقارن واللاحق ونحوها من العناوين التي تكون مبادئها من الاضافات والاعتبارات التي لا تحقّق لها في الخارج الا لمنشإ انتزاعها ولا يكون بحذائها في الخارج شيء ، وتكون هذه العناوين من الخارج المحمول الذي يسمى عند الفلاسفة بالمحمول بالصميمة ، لا المحمول بالضميمة الذي يكون من المبادئ المتأصلة التي لها وجود في الخارج حقيقة ولو في ضمن المعروض كالسواد والبياض ونحوهما.
اعلم : ان الامر المنتزع يكون على نحوين :
احدهما : ان يكون الامر المنتزع عين ذات الباري جلّ وعلا وموجودا بوجود الباري كصفاته الكمالية.
وثانيهما : ان لا يكون الامر المنتزع موجودا في الخارج ، بل الموجود فيه انما يكون منشأ للانتزاع مثل الاضافات والاعتبارات ، نحو : الأبوة والبنوة اللتين لا تكونان موجودتين في الخارج وانما يكون الموجود فيه الشخص الذي خلق من مائه وهو ولده ، وقد خلق من ماء ابيه ، وكذا الاعتبارات التي لا يحاذيها شيء في الخارج نحو الزوجية والرقية والملكية ونحوها.
لان الموجود في الخارج هو شخص الزوج والزوجة ، وشخص المالك وعين المملوك ، وفي ضوء هذا ظهر ان واجدية الذات للمبدإ تتصور على وجوه اربعة :
الاول : ان تكون بنحو الصدور ، نحو : الضارب.
والثاني : ان تكون بنحو الحلول ، نحو : زيد مريض.
والثالث : ان تكون بنحو الانتزاع والاضافة والاعتبار ، نحو : الزوجية والابوة والفوقية.
والرابع : ان تكون بنحو العينية نحو علم الباري وسائر صفاته الكمالية