فاعلم ان الحق كما عليه اهل الحق ، وفاقا للمعتزلة من العامة وخلافا للاشاعرة ، هو اتحاد الطلب والارادة بمعنى ان لفظ الطلب ولفظ الارادة موضوعان بازاء مفهوم واحد وما بازاء احدهما في الخارج يكون ما بازاء الآخر فيتحدان مفهوما ومصداقا كلفظ (الانسان) ولفظ (البشر) ، كما ان الطلب الذي ينشئ بلفظ الطلب أو بغيره مثل (صلّ) يكون عين الارادة الانشائية من حيث المفهوم والمصداق.
قوله : وبالجملة هما متحدان مفهوما وانشاء وخارجا ... الخ قال المصنف ان الطلب والارادة متحدان من حيث المفهوم ومن حيث الانشاء ومن حيث المصداق. فالطلب المفهومي متحد مع الارادة المفهومية ، والطلب الحقيقي الخارجي متحد مع الارادة الحقيقية ، والطلب الانشائي متحد مع الارادة الانشائية ، ولا يكون الطلب الانشائي قائما بالقول متحدا مع الارادة الحقيقية المفهومية ، فالمغايرة بينهما اظهر من الشمس وابين من الامس.
قوله : فاذا عرفت المراد من حديث العينية والاتحاد ... الخ استدل المصنف قدسسره على اثبات اتحادهما بالبرهان الوجداني ، وهو انه اذا رجعنا الى الوجدان عند طلب شيء ، والامر بذاك الشيء ، لا نجد غير الارادة القائمة بالنفس صفة اخرى قائمة بالنفس هي الطلب غير الارادة. نعم نجد في وجداننا مقدمات الارادة عند خطور الشيء بالبال وعند الميل اليه ، وهي تصور الشيء والعلم به والرغبة فيه والميل اليه وهيجان الرغبة اليه والتصديق العلمي او الظني بفائدته. والجامع بين هذه الأمور عبارة عن جزم المريد بدفع ما يوجب توقف المريد عن طلب الشيء المراد لاجل الارادة أو الفائدة.
قوله : وبالجملة ... الخ لا يكون شيء موجودا في النفس غير الصفات النفسانية التي هي عبارة عن مقدمات الارادة التي ذكرت آنفا ونفس الارادة ، ولا تكون هناك صفة اخرى قائمة بالنفس تكون هي الطلب.
وفي ضوء هذا لا محيص عن القول باتحادهما ، ولا محيص عن ان يكون ذاك الشوق المؤكد الذي يحصل في نفس المريد ، ويوجب لتحريك عضلات المريد نحو