والحقيقي من الارادة كما هو المراد غالبا من لفظ الارادة حين اطلاقها اي اطلاق الارادة ، فيرجع النزاع لفظيا ، فكلهم قائلون بالاتحاد بين الحقيقيين وبالمغايرة بين الطلب الانشائي وبين الارادة الحقيقية ، وهكذا بينه وبين الحقيقي من الطلب كما لا يخفى. فاذن يقع الصلح في البين ويرتفع النزاع من البين ، وهو خير منه ، اي الصلح خير من الخلاف.
اعلم : ان النزاع على قسمين :
الاول : معنوي وهو ما يكون فيه مورد الاثبات ومورد النفي متحدا.
الثاني : لفظي وهو ما يكون فيه مورد الاثبات ومورد النفي متعددا.
قوله : فافهم وهو اشارة الى امتناع كون النزاع لفظيا. وتوضيحه : انه لا خلاف في انه سبحانه وتعالى متكلم لان الأشاعرة قائلون بالكلام النفسي مع كونه غير العلم والارادة والكراهة ، ومع كونه مدلولا للكلام اللفظي ، وهو معنى قائم بذاته تعالى وهو قديم. وحيث تعذر عليهم تفسيره بالعلم والارادة والكراهة ضرورة انها ليست كلاما اضطروا الى تفسيره في الكلام الخبري بالنسبة الايجابية أو السلبية ، وفي الكلام الانشائي بالطلب في الامر والمنع في النهي.
فالطلب عندهم صفة قائمة بذاته سبحانه وتعالى قديم ، فلا مجال لان يريدوا به الطلب الانشائي لانه ليس من صفات النفس ولا هو قديم فظهرت المغايرة بين الطلب والارادة في الكلام النفسي ، اذ الطلب الحقيقي محقق فيه دون الارادة الحقيقية فالنزاع معنوي في البين ، وردّ قول الأشاعرة يعلم مما سبق فلا نعيده.
قوله : دفع وهم لا يخفى انه ليس غرض الاصحاب والمعتزلة من نفي ... الخ فزعم بعض وتوهم ان جواب الاصحاب قدسسرهم من مذهب الأشاعرة هو أن الكلام اما خبري واما انشائي ، ولا تكون في الانشائيات علاوة على الصفات النفسانية من الارادة في الامر ، والكراهة في النهي ، والتمني في (ليت) والترجي في (لعل) والنداء في أداة النداء ، والاستفهام في أدواته ، وغيرها صفة قائمة بالنفس تسمى بالكلام النفسي ، ولا يكون في الاخبار بعد ادراك الموضوع والمحمول ، والعلم بالنسبة صفة اخرى قائمة