الوجوب ، وكل كثير الاستعمال في الوجوب موجب لظهورها في الوجوب ، فانا نمنع الصغرى ، لان استعمال صيغة الامر في الندب لو لم يكن كثيرا فليس باقلّ حتما.
وصورة القياس على النحو الثاني على هذا الشكل ، وهو الواجب كثير الوجود ، وكل كثير الوجود موجب لظهورها فيه لانا نمنع الصغرى ايضا لان وجود الندب في الشريعة المقدسة لو لم يكن كثيرا فليس باقلّ قطعا.
واما الثالث فلعدم الكبرى فيه لان شكل القياس على هذا الوجه يكون على هذا النوع ، وهو الواجب اكمل طلبا من الندب ، اذ هو طلب شديد ، والندب طلب ضعيف. وكل اكمل طلبا موجب لظهورها في الواجب ، فالواجب موجب لظهورها فيه.
فانا نمنع الكبرى لان الظهور ناشئ عن شدة انس اللفظ بالمعنى ، بحيث يصير اللفظ وجها للمعنى ، حتى ترى صورة المعنى من اللفظ ، والاكملية لا توجب ذلك لان اكملية الاكمل ثبوتية واقعية ، وظهور اللفظ في المعنى اثباتية لانه تابع للدليل ، وهو اما الوضع ، واما غلبة الاستعمال ، وكثرة استعمال اللفظ في المعنى ولو على النحو المجازي ، ولا تلازم بين الأمر الثبوتي وبين الامر الاثباتي ، فلا تلازم بين اكملية الوجوب واظهرية الصيغة في الوجوب ، وهذا ظاهر.
قوله : نعم فيما كان الأمر بصدد البيان فقضية مقدمات الحكمة هو الحمل ... الخ ثم ان المصنف قدسسره اختار ظهور الصيغة في الوجوب انصرافا لوجه آخر غير الوجوه المتقدمة ، وهو ان مقدمات الحكمة ، كما ستأتي في بحث المطلق والمقيد ، مما تقتضي المنع من الترك ، بخلاف الوجوب فانه لا تحديد فيه ، اذ هو الطلب الاكيد فهو بسيط عند المصنّف ولا تقييد مع كون المطلق في مقام بيان غرضه ، فحيث لم يقيدها بعدم المنع من الترك فانكشف ان مراده منها هو الوجوب.
قوله : فافهم وهو اشارة الى ان هذا المدعى ليس اولى من العكس ، فيقال ان مقدمات الحكمة تقتضي الحمل على الندب لا على الوجوب ، نظرا الى ان الوجوب يحتاج الى مئونة التحديد والتقييد بالمنع من الترك مع كون المولى المطلق في مقام البيان ، فيبنى على عدم كون الطلب للوجوب بل للندب.