الكوفيين يقولون بان الفعل اصل الكلام لوجهين :
الاول : ان الفعل يقع مؤكّدا والمصدر مؤكّدا نحو (ضربت ضربا) لانه بمنزلة (ضربت ضربت) وهو اصل بالنسبة اليه اذ هو عامل وهو معمول. مضافا الى كونه متبوعا والمصدر تابع. والعامل أصل ، والمعمول فرع ، كما ان المتبوع اصل والتابع فرع.
الثاني : ان اعلال المصدر يدور مدار اعلال الفعل وجودا وعدما. فالاول كما في (يعد عدة) ، والثاني كما في (يوجل وجلا) والمدار عليه اصل والمدار فرع.
واما البصريون فيقولون : بان المصدر اصل الكلام. واستدلوا بوجهين ايضا :
الاول : ان مفهوم المصدر واحد وهو الحدث ومفهوم الفعل متعدد وهو الحدث والزمان ، والواحد قبل المتعدد.
الثاني : ان المصدر بمعنى محل الصدور لانه اسم مكان صيغة. هذا اولا ، وثانيا : ان كون المصدر اصلا في الكلام ليس معناه انه مشتق منه ومادة للمشتقات ، بل معنى كونه أصل الكلام أنّ الذي وضعه الواضع أولا هو المصدر ، ثم بملاحظته وضع غيره من الهيئات التي تناسب المصدر من حيث الحروف والترتيب. مثلا : وضع الواضع اولا كلمة (ضرب) لحدث منسوب الى فاعل ما ، ثم وضع بملاحظته هيئة (ضرب) لحدث منسوب الى فاعل ما في الزمان الماضي ، ووضع هيئة (يضرب) لحدث ينسب الى فاعل ما في زمن الاستقبال ، ووضع هيئة (اضرب) لحدث ينسب الى فاعل ما في زمن الحال.
غاية الامر ان وضع المصدر شخصي ووضع المشتقات شخصي باعتبار مادتها ، ونوعي بلحاظ هيئتها. مثلا : وضع الواضع مادة (ضارب) للحدث الخاص ، وهيئته للذات الصادر عنها المبدأ ، اي هيئة (فاعل) كما انه وضع هيئة (مفعول) للذات الواقع عليها المبدأ. فوضعها باعتبار المواد شخصي ، وبلحاظ الهيئات نوعي ، اما في المصادر فالوضع بلحاظ موادها شخصي دائما دون هيئتها ، لانطباق هيئتها على الاسم ك (فعل) و (فعل) المنطبقين على (عمرو وبشر) كما لا يخفى.