هذا المقام في هيئة الصيغة ، أهي تدل على المرة أم على التكرار أم على طلب ايجاد الطبيعة؟ ذهب الى كلّ فريق دون مادتها ، لان مادتها هي المصدر المجرد عن اللام الجنسي أو الاستغراقي أو العهدي ، وعن تنوين التمكن ، لا تدل الا على الماهية ، اي ماهية مدلوله ، وهو الحدث المطلق ، من دون المرة ومن دون التكرار باتفاق النحاة على ما حكاه السكاكي صاحب مفتاح العلوم.
فردّ المصنف قدسسره قول صاحب الفصول قدسسره بان الاتفاق في المصدر المذكور لا يلازم الاتفاق في مادة (افعل) لان المصدر بماله من المعنى لا يكون مادة (لافعل) كي يوجب اتفاقهم على عدم دلالته الا على الماهية اتفاقهم على عدم دلالة مادة صيغة الامر ايضا الا على الماهية ، لانه مباين مع الافعال بحسب المعنى ، اذ هو يدل على الحدث فقط ، والافعال تدل على كيفية قيام الفعل بالفاعل من حيث الصدور أو الحلول أو الحدوث أو الثبوت ، في الماضي أو الحال أو الاستقبال ، نحو (ضرب زيد) و (مات عمرو) و (نام بكر) و (حسن خالد) هذه أمثلة الماضي. وامثلة المضارع نحو (يضرب زيد) و (ينام بكر) و (يحسن خالد). وأمثلة الحاضر (اضرب زيدا) و (مت يا عمرو) و (نم يا بكر) و (احسن يا خالد).
فالافعال سواء كانت ماضية أو مضارعة أم كانت أمرا تدلّ على الحدث وعلى كيفية قيام الفعل بالفاعل. واما المصادر فتدل على الحدث فقط ، فلا تكون المصادر مادة لفعل من الأفعال.
فبالنتيجة : لا يكون المصدر مادة للمشتق الذي منه صيغة (افعل) بل هو احد المشتقات ، فعلى هذا يمكن ان يكون النزاع في مادة (افعل) كما انه في هيئته ، فلا معنى لقول (الفصول) باختصاص النزاع في هيئة (افعل) كما لا يخفى لان المصدر المجرد عنهما صيغة مستقلة ، ولا مادة سوى مادة (افعل) فلا ترتبط بها ـ اي بالمصادر الكذائية ـ بناء على كون المصدر صيغة مستقلة كما اختاره اصلا.
قوله : ان قلت فما معنى ما اشتهر من كون المصدر اصلا في الكلام قلت ... الخ قال المصنف قدسسره انه مع كون المصدر اصل الكلام فهو محل الخلاف بين الصرفيين لان