المقتضي للإجزاء أم لا؟ فظاهر اطلاق دليله في سورة النساء : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)(١) وفي سورة المائدة : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)(٢) اي فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيّبا. ومثل قول المعصوم ، أي ابي عبد الله عليهالسلام : «التيمم احد الطهورين» و «يكفيك الصعيد عشر سنين» (٣) وغيره من روايات الباب ، هو الإجزاء وعدم وجوب الاعادة او القضاء فلا بد من اجل وجوبهما من دليل آخر بالخصوص.
وبالجملة : فالمتّبع هو اطلاق الدليل لو كان الاطلاق موجودا. والمراد من الاطلاق هنا هو الاطلاق المقامي لا اللفظي ، بمعنى ان المولى اذا كان في مقام بيان وظيفة المضطر (أعني فاقد الماء) وحكم بالتيمم بدل الوضوء ولم يحكم بالاعادة او القضاء بعد رفع الاضطرار في الوقت ، او في خارج الوقت ، علم من ذلك جدا إجزاء الاضطراري عن الواقعي ، وكفايته عنه ، وعدم وجوب الاعادة او القضاء بعد رفع الاضطرار ، ولو كان واجبا على المكلف احدهما لبيّن المولى وحكم به قطعا بعد فرض كونه في مقام البيان لتمام ما له دخل في حصول الغرض الذي يترتب على العمل الاختياري.
هذا اذا كان هناك اطلاق مقامي للدليل الاضطراري ، واما اذا كان المولى في مقام الاجمال والإهمال ، اي في مقام تشريع اصل الاضطراري في الجملة ، ولم يكن في مقام بيان تمام وظيفة المضطر ، فالمرجع حينئذ هو الاصل العملي وهو اصالة البراءة.
فاذا ارتفع الاضطرار في الوقت ، او في خارج الوقت ، والحال انا نشك بعد رفعه في وجوب الاعادة او القضاء ، فلا يكون في المقام دليل اجتهادي ، فتصل النوبة إلى الأصل العملي وهو يقتضي براءة ذمة المكلف عن وجوبهما لكونه شكا في اصل
__________________
(١) سورة النساء : آية ٤٣.
(٢) سورة المائدة : آية ٦.
(٣) الوسائل ، كتاب الطهارة ، الباب الثالث عشر من ابواب التيمم.