المخاطب ولو كان صادرا عن حيوان أو عن جماد كالحجر مثلا ، وهذا لا يتوقف على شيء الّا علم السامع بالوضع.
الثاني : التصديقية وهي قسمان : الاول : تصديق السامع على انّ معنى اللفظ مقصود للمتكلم وهو يتوقف على ارادته لانّه ما دام لم تكن ارادته موجودة لم يمكن تصديق السامع ، ولذا اشترط في الكلام ان يكون مقصودا حتى يخرج كلام النائم والمجنون والمغمى عليه لعدم قصد ، اي قصد المعنى من هؤلاء الأشخاص. والثاني : تصديق السامع على انّ النسبة الكلامية مطابقة للنسبة الواقعية أو غير مطابقة لها. اذا عرفتها فاعلم انّ كلامهما ناظر الى كون تصديق السامع على انّ معنى الكلام يكون مقصودا للمتكلم متفرعا على ارادة اللافظ كتفرع مقام الاثبات لمقام الثبوت. مثلا : اذا ثبت القيام لزيد في الواقع فتقول انّه قائم فظهر ان مقام الاثبات تابع لمقام الثبوت ، ولا يكون مرادهما انّ الارادة اخذت قيدا للمعنى ، بل ذات المعنى يكون موضوعا له مجردا عنها.
اذا عرفت هذه فاعلم انّ الدلالة التصورية لا تتوقف على ازيد من علم السامع بالوضع الذي يوجب خطور المعنى في ذهنه ولو كان صدور الصوت من الجدار أو من حيوان معلّم أو من وسائل الصوت التي تعورفت في هذا الزمان.
فتحصّل مما ذكرنا انّ كلامهما لا يكون ناظرا الى انّ الالفاظ موضوعة لمعانيها بما هي مرادة كما زعم (الفصول) بل ناظر الى انّ دلالتها عليها ، على انّ معانيها مقصودة للمتكلم تتبع ارادته لها فالدلالة تابعة والارادة متبوعة.
فان قلت انّه يلزم عدمها اي عدم الدلالة في الصورتين ، في الاولى : انّه ان اخطأ السامع ، نحو (جاءني اسد) والمتكلم قصد رجلا شجاعا والسامع قطع حيوانا مفترسا ، فاعتقاده مباين لارادته ، فلم توجد دلالة لفظ الاسد على الحيوان المفترس ، إذ المتكلم لم يرده بل اراد رجلا شجاعا منه. الثانية : انّه ان اشتبه السامع واعتقد خلاف مقصود المتكلم فلم توجد الدلالة ايضا. قلنا انّه جهالة ولا يكون دلالة حينئذ اصلا. إذ الملاك ارادة المتكلم المعنى الذي أراده ، لا إرادة السامع من حيث الخطأ