الامارة ، اي مصلحة العمل الذي يؤتى به على طبق الامارة ، وافية بتمام مصلحة الواقع او وافية بمعظمها مع عدم امكان تدارك الباقي ، او مع عدم وجوب تدارك الباقي ، وإلّا فلا تجزي عن الواقع ، اذ مجرد تنزيل فاقد المصلحة منزلة الواقع والواجد لها فهو غير كاف في الإجزاء ما دام لم يكن الفاقد مثل الواجد في الوفاء بغرض المولى ، وإلّا يلزم تفويت المصلحة الملزمة بلا عوض وهو قبيح لا يصدر من المولى الحكيم.
وبالجملة فالوجوه الاربعة في الامر الاضطراري جارية في الامر الظاهري الثابت بالامارات والطرق بناء على القول بالموضوعية والسببية طابق النعل بالنعل فلا حاجة الى الاعادة. لكن المصنف قدسسره ، لمّا اختار ـ تبعا للمشهور ـ القول بالطريقية في حجيّة الامارات والطرق ، بنى على عدم الإجزاء في صورة كشف الخلاف ، فلا بد هنا من بيان امرين :
الاول : الفرق بين الطرق والامارات هو ان الطرق في بيان الاحكام الشرعية كخبر العدل اذا دلّ على وجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة ، والامارات في الموضوعات الخارجية كما اذا قامت البيّنة على خمرية المائع المعين مثلا.
والثاني : الفرق بين الطريقية وبين السببية هو ان الطريقية لم يلحظ فيها سوى الكشف عن الواقع ، فان اصابتا الواقع فقد احرزتا مصلحة الواقع ، واذا لم تصيبا الواقع لم يكن لهما شيء من المصلحة ولاجل هذا قال المصنف قدسسره بعدم الإجزاء في صورة كشف الخلاف. وان السببية تحدث فيها مصلحة مساوية او مصلحة راجحة مع مصلحة الواقع او على مصلحته.
مثلا : اذا أوجب المولى على العبد إطاعة زيد بن ارقم ، ثم ارشده زيد بارادة المولى منه اشتراء لحم الغنم ، فبناء على الطريقية ، ان أخطأ زيد في هذا الارشاد واشترى العبد اللحم لم يكن للعبد اجر الامتثال أصلا ، نعم لا يستحق العبد العقوبة لكونه معذورا. وأما بناء على الثاني ، ففي هذا الفرض ، يكون الاجر المساوي او الاجر الاكثر للعبد ان كان الارشاد مطابقا للواقع.