الفراغ عن ثبوت اصل التكليف. وبعبارة اخرى : ان ما ذكرنا راجع ومربوط بالاوامر الظاهرية المتعلقة بالموضوعات بعد الفراغ عن ثبوت اصل التكاليف.
واما ما يجري من الامارات والاصول العملية في نفس الاحكام الشرعية ، وفي اصل التكليف كما اذا قام الطريق او الاصل وكما اذا قامت الامارات الشرعية على الحكم الشرعي ، ولو كانت حجّيتها على نحو السببية والموضوعية مثل خبر العدل او خبر الثقة ، ونحو استصحاب صلاة الجمعة لانها كانت واجبة في عصر الائمة عليهمالسلام.
فاذا شككنا في عصر الغيبة في وجوبها استصحبنا وجوبها ، فلذا فعلناها لاجل خبر العدل او الثقة على وجوبها ، او لاجل استصحابها. وبعد الإتيان بها انكشف لنا وجوب الظهر يوم الجمعة فلا وجه للإجزاء مطلقا ، اي سواء كانت حجية الامارات من باب الطريقية او من باب الموضوعية والسببية ، سواء كان الاستصحاب من الامارات أم كان من الاصول.
اما على الطريقية فعدم الإجزاء واضح اذ تبيّن خطأ الطريق فلم يدرك المكلف حينئذ مصلحة الواقع أصلا. واما على الثاني : فلان غاية ما تقتضيه الموضوعية والسببية اشتمال صلاة الجمعة على المصلحة التي تساوي مصلحة الظهر او تكون ناقصة بقليل من مصلحة الظهر.
والواضح عدم المنافاة بين وجوب صلاة الجمعة بعنوان كونها ذات المصلحة المذكورة ، وبين وجوب صلاة الظهر لتعدد متعلق الوجوبين. وكذا لا منافاة بين المصلحتين لتعدد محلهما. فلا بدّ من فعل الظهر أداء وقضاء إلا اذا قام الاجماع او قامت الضرورة على عدم وجوب الصلاتين الجمعة والظهر يوم الجمعة ، والواجب فيه صلاة واحدة ، كما ان الامر كذلك. فلا بد حينئذ من الإتيان بصلاة الظهر لعدم وجوب غيرها والاكتفاء بالجمعة. فالاول ـ اي الإتيان بصلاة الظهر ـ على الطريقية ، والثاني ـ أي الاكتفاء بالجمعة ـ على الموضوعية.