من تشريع الاحكام الشرعية هو درك المصلحة ، فيكون الإجزاء فيه واضحا حينئذ ، او كان المأمور به المقطوع به مشتملا على معظم مصلحة الامر الواقعي في حال القطع وفي حال عدم القطع ، فيكون مجزيا عن الواقع بشرط ان يكون الباقي من المصلحة غير ممكن الاستيفاء.
فالمكلف مخيّر بين المقطوعي والواقعي اذا كان وافيا بتمام مصلحة الواقعي لما ذكر ، واما اذا كان وافيا بمعظم مصلحة الواقعي مع عدم إمكان استيفاء الباقي منها فالاجزاء فيه لاجل ان الجاهل بالحكم الواقعي الذي قطع بالخلاف في هذه المواضع كما في الاتمام مكان القصر ، او الجهر مكان الاخفات ، او الاخفات مكان الجهر ، معذور يجزي عمله عن الواقع بلا اشكال ، للنصوص الواردة في هذا الباب ، فمنها رواية زرارة بن أعين قدسسره قال : قلت لابي عبد الله الصادق عليهالسلام : فمن صلى في السفر اربعا أيعيد أم لا؟ قال عليهالسلام : ان كان قرئت عليه آية التقصير وفسّرت له فصلّى اربعا أعادها وان لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه (١)
ومنها : خبر زرارة عن ابى جعفر عليهالسلام قال : قلت له : رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي الجهر فيه ، او اخفى فيما لا ينبغي الاخفات فيه ، وترك القراءة فيما تنبغي القراءة فيه ، او قرء فيما لا تنبغي القراءة فيه ، فقال عليهالسلام : اي ذلك فعل ناسيا او ساهيا فلا شيء عليه (٢) هذا مضافا الى اجماع الاصحاب قدسسرهم وغيرهما من الروايات.
فالاول يدل صراحة بمعذورية الجاهل بالقصر والتمام ، والثاني على معذورية الجاهل بالجهر والاخفات ، اذا لم يكن عن تقصير وإلّا فلا. فنصوص الباب كاشفة عن وفاء المأتي به تماما موضع القصر وجهرا موضع الإخفات ، او إخفاتا موضع الجهر بالمصلحة المأمور به الواقعي.
__________________
(١) الوسائل ، ج ٥ ، باب ١٧ ، الحديث الرابع.
(٢) الوسائل ، ج ٢ ، باب ٢٦ ، الحديث الثاني.