والثالثة : ما يتوقف عليها وجود ذي المقدمة عادة ، وتلك كنصب السلم للكون على السطح ، اذ هو ممكن عقلا بدون نصب السلم لإمكانه بواسطة الطيران في الهواء حتى يستقر في السطح ولكن الطيران يكون محالا عادة.
قوله : ولكنه لا يخفى رجوع الشرعية الى العقلية ضرورة ... الخ اذ لا يخلو الامر من احد احتمالين ومن احد وجهين :
الاول : ان تكون المقدمة الشرعية شرطا في المأمور به كقول المولى (صلّ عن طهارة) يستفاد منه شرطية الطهارة للصلاة.
والثاني : عدم كون الطهارة شرطا للمأمور به بلسان الدليل ، ولكن المولى عالم بالواقع ، وهو يعلم توقف الصلاة من حيث الوجود الخارجيّ عليها. وعلى كلا الوجهين ترجع المقدمة الشرعية الى المقدمة العقلية.
اما على الاول فلامتناع وجود المشروط بدون وجود شرطه عقلا ، فيتوقف المشروط على شرطه من باب حكم العقل فترجع الى العقلية.
واما على الثاني فلان الصلاة الصادرة من المكلف لا تكون وافية بالمصلحة بلا طهارة فتتوقف الصلاة على الطهارة عقلا ومن باب حكم العقل.
واما الفرق بين الوجهين المذكورين ، ان المولى واسطة اثباتية للتوقف في الاول ، وهو واسطة ثبوتية له في الثاني.
واما العادية ، فان كانت بمعنى ان يكون التوقف عليها بحسب العادة البشرية ، بحيث يمكن تحقق ذي المقدمة بدون المقدمة العادية ، لانه يمكن الصعود على السطح بالطيران او بالحبل مثلا. إلّا ان العادة جرت على نصب السلم او الدرجة للصعود ، كما يمكن الوعظ والتدريس بدون نصب المنبر والكرسي إلّا ان العادة جرت على نصبهما ، فهي وان كانت غير راجعة الى المقدمة العقلية لعدم توقف ذيها عليها عقلا كما علم من المثال المذكور ، وان كانت بمعنى ان توقف ذيها عليها واقع لعدم قدرة المكلف على الطيران الذي يمكن عقلا له ، فهي راجعة الى المقدمة العقلية ضرورة استحالة الصعود على السطح بدون نصب السلم ونحوه عقلا لغير الطائر