قوله : فانّه يقال الموقوف عليه غير الموقوف عليه ... الخ هذا جواب عن محذورية الدور ، وهو انّ الموقوف على التبادر هو العلم التفصيلي بالموضوع له ، والتبادر موقوف على العلم الاجمالي الارتكازي بالموضوع له. بمعنى ان لهذا اللفظ معنى يتبادر منه وان لم نعلمه تفصيلا.
فالموقوف علم تفصيلي بالمعنى الموضوع له والموقوف عليه علم اجمالي ارتكازي فلا دور. وهذا متين اذا كان المقصود به التبادر عند المستعلم ، واما اذا كان المراد به التبادر عند اهل المحاورة العالم بالوضع فالتغاير اوضح وامتن ، لانّ الموقوف على التبادر هو علم المستعلم ، والتبادر موقوف على علم اهل المحاورة. فالموقوف هو علم المستعلم ، والموقوف عليه هو علم اهل المحاورة فلا دور اصلا.
قوله : ثم ان هذا فيما لو علم استناد الانسباق الى نفس اللفظ واما فيما احتمل استناده الى قرينة ... الخ اعلم انه اذا علم ان تبادر المعنى مستند الى حاق اللفظ أو الى القرينة فلا كلام ، اذ الاول علامة الحقيقة ، والثاني علامة المجاز. واما اذا شك ان تبادر المعنى هل هو مستند الى حاق اللفظ أو الى القرينة ، فلا ينفع حينئذ اصالة عدم القرينة في إحراز كون الاستناد الى حاق اللفظ لا الى القرينة. نعم اذا عرف المعنى الحقيقي واستعمل اللفظ وشك في ارادته منه لاحتمال وجود القرينة الصارفة عنه فحينئذ تجري اصالة عدم القرينة ويحرز بها ارادة المعنى الحقيقي ، وهذا مقصود المصنف من قوله : لعدم الدليل عليها الّا في إحراز المراد لا الاستناد.
وبالجملة فالتمسك باصالة عدم القرينة ينفع فيما اذا علم المعنى الحقيقي وكان الشك في المراد أهو يكون المعنى الحقيقي أم كان المعنى المجازي؟ ولا ينفع فيما اذا لم يعلم المعنيان الحقيقي والمجازي وكان الشك في استعمال اللفظ في ايهما. لانّ الاستعمال اعم من الحقيقة والمجاز عند المشهور الّا عند السيد المرتضى قدسسره لانه يقول : انّ الاستعمال يكون من علامة الحقيقة كالتبادر واشباهه ، ويشترط في التبادر ان يكون مستند الى حاق اللفظ الذي هو يكشف كشفا إنيّا عن الوضع لانه معلول الوضع.