فوجوب الاكرام مطلق فعلي والواجب شيء خاص هو (اكرام زيد الجائي في يوم الجمعة) مثل قولنا (يجب اكرام زيد العالم) فالوجوب مطلق والواجب مقيّد وهو (اكرام زيد العالم) لا مطلق الشخص الذي يسمى بزيد سواء كان عالما أم كان جاهلا.
فبالنتيجة : اختار المصنف قدسسره رجوع القيد والشرط في الخطاب التعليقي مثل (ان جاءك زيد يوم الجمعة فأكرمه) الى مفاد الهيئة الذي هو الوجوب ، فقبل حصول الشرط وقبل مجيئه لا وجوب اصلا لا منجزا ولا تعليقا.
واختار الشيخ الانصاري قدسسره رجوع القيد والشرط الى المادة التي هي متعلق الوجوب ، فالوجوب مطلق فعلي والواجب الذي هو (إكرام) معلق على المجيء ومشروط به.
واستدل الشيخ قدسسره على مدّعاه ، وهو رجوع القيد والشرط الى المادة لا الى الهيئة بان مدلول الهيئة الذي هو وجوب معنى حرفيّ اذ كل معنى يحتاج الى الغير ، فهو معنى حرفيّ ، كالوجوب الذي يحتاج الى المتعلق وسيأتى تفصيله. فكانت للشيخ الانصاري قدسسره في هذا المقام نقطتان من الدعوى :
الاولى : ان رجوع القيود المأخوذة في لسان الأدلّة الى مفاد الهيئة محال.
والثانية : ان رجوع القيود والشروط يكون الى المادة التي تكون متعلقة للوجوب لبّا وعقلا ، وان كان مقتضى القواعد العربية ، بحسب المتفاهم العرفي وبحسب ظهور الجملة الشرطية عند اهل اللسان وعند اهل العرف ، رجوعها الى الهيئة دون المادة. واستدلّ على مدعاه بوجهين :
الاول : ان مدلول الهيئة ومفادها معنى حرفيّ وكل معنى حرفيّ جزئي حقيقي ، والجزئي الحقيقي غير قابل للتقييد ، لان الشيء الذي يقبل التقييد هو كلّي يصدق على حصص متعددة ، وذلك كالرقبة حيث إنها تصدق على المؤمنة والكافرة ، وعلى الزنجية والرومية ، فيصح تقييدها بالمؤمنة كما يصح تقييدها بالكافرة فليس في الجزئي الحقيقي اطلاق كي يصح تقييده. فمفاد الهيئة هو معنى خاص جزئي