استحضار ما سبق من المطالب الماضية ، وانتظار ما سيأتي. والغرض من ذكر هذا التنبيه في هذا المقام رفع الإشكال والعويصة ، وخلاصتها انه لا اشكال في ان الاصوليين قد صرحوا بتبعية المقدمة لذي المقدمة في الاطلاق والاشتراط ، بل لا يمكن عقلا اتصاف المقدمة بالوجوب الغيري من قبل اتصاف ذي المقدمة بالوجوب النفسي ، ومع ذلك قد حكموا في الموارد الكثيرة بوجوب المقدمة قبل وجوب ذي المقدمة.
منها : حكمهم بوجوب الغسل على المحدث بالاكبر مثل الجنابة والحيض والنفاس والاستحاضة الكثيرة او المتوسطة في الليل من قبل ان يطلع الفجر الصادق مقدمة للصوم المتعين في الغد.
ومنها : حكمهم بوجوب السعي الى الحج على المستطيع النائي قبل يوم عرفة مقدمة للحج.
ومنها : حكمهم بوجوب حفظ الماء للوضوء من قبل دخول وقت الصلاة اذا علم المكلف بعدم التمكن من الماء للوضوء بعد دخول الوقت.
ومنها : حكمهم بوجوب معرفة القبلة لمن اراد السفر الى البلدان النائية وغيره. ولاجل هذا الإشكال قد التزم المحقق صاحب (الحاشية) قدسسره في هذه الموارد بالوجوب النفسي لا المقدمي الغيري ، وقد التزم صاحب الفصول قدسسره بالواجب المعلق في هذه المقامات لا الواجب المشروط ، ودفع الإشكال بهذا الطريق بان في الواجب المعلق يكون الوجوب حاليا قبل مجيء وقت الواجب وقبل اتيان الواجب ولهذا تجب مقدماته فعلا. فالوجوب فعلي قبل حصول الشرط الذي يكون شرط الواجب لا الوجوب اذ هو مطلق. والشيخ الانصاري قدسسره قد دفع الإشكال بان الشرط مرتبط بالمادة لا بالهيئة فالوجوب حينئذ مطلق فعلي ، والواجب يكون مقيد بالشرط الاستقبالي.
والمصنف قدسسره لمّا التزم بالواجب المشروط بشرط متأخر مفروض الوجود في موطنه ، كما سيأتي عن قريب ، كان الوجوب حينئذ فعليا قبل حصول الشرط اي