الاستعارات فاستعمال المسلوب في المسلوب عنه ، فلفظ (الاسد) يكون مسلوبا و (الرجل الشجاع) مسلوبا عنه يكون من باب الحقيقة الادعائية ، والّا فهو من باب المجاز في الكلمة فظاهر كلام السكاكي في نحو (رأيت اسدا يرمي) أو (في الحمام) مع كون الرامي رجلا شجاعا لا حيوانا مفترسا ، ان لفظ الاسد فيه لم يستعمل في الرجل الشجاع ، لتنزيل الرجل الشجاع منزلة الاسد ، بدعوى ان للاسد فردين احدهما واقعي والآخر ادعائي تنزيلي ، ثم استعمل اللفظ فيه ، فيكون ذلك تصرفا في امر عقلي فيكون هذا استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي الادعائي ، لا في المعنى المجازي كما هو المشهور ، فالسكاكي انكر مجازا في الكلمة.
فغرض صاحب (الكفاية) قدسسره من هذا الكلام بيان عدم الفرق بين قول المشهور وبين مذهب صاحب المفتاح ابي يعقوب السكاكي ، لان صحة السلب تكون علامة كون معنى المسلوب مجازيا للفظ المسلوب عنه ، سواء قلنا بمقالة السكاكي أم قلنا بمقالة المشهور ، فان قيل انه يلزم الدور على فرض ان يكون عدم صحة السلب علامة للحقيقة ، فبيانه :
لان العلم بالوضع يتوقف على عدم صحة السلب لانه جعل علامة للوضع وللحقيقة ، وعدم صحة السلب يتوقف على العلم بالوضع ، لانا اذا لم نعلم بالوضع لم نحكم بعدم صحة السلب ، ولكن يجاب عنه بان عدم صحة السلب يتوقف على العلم الاجمالي الارتكازي بالوضع ، فيكون الموقوف علما تفصيليا والموقوف عليه علما اجماليا ارتكازيا ، فهذا التغاير ، اي تغاير العلم ، كاف في رفع غائلة الدور. هذا اذا كان المقصود به عدم صحة السلب علامة للحقيقة عند المستعلم الجاهل بالوضع.
واما اذا كان المراد به عدم صحة السلب عند اهل المحاورة فلا يلزم الدور أصلا ، لان علم المستعلم بالوضع يتوقف على عدم صحة السلب ، ولكن عدم صحة السلب يتوقف على علم أهل المحاورة ، فيكون العلم متعددا وهو يستلزم تعدد الموقوف والموقوف عليه فلا دور في البين.
وكذا يرد اشكال الدور في طرف صحة السلب ، بان يقال ان العلم بكون معنى