وينقسم الواجب ايضا الى واجب نفسي والى واجب غيري ، وقد فسر الواجب النفسي في كلام غير واحد من الاصوليين بما امر لنفسه ، والواجب الغيري بما امر به لاجل غيره.
وعليه يلزم ان يكون جميع الواجبات الشرعية الا المعرفة ـ اي وجوب المعرفة بالله تعالى ـ من الواجبات الغيرية ، اذ المطلوب النفسي لا يوجد في الاوامر ـ اي في موضوعاتها ـ فانها مطلوبات لاجل الغايات التي هي خارجة عن حقيقتها. مثلا : الصلاة مطلوبة بالطلب الشديد اذا كانت واجبة او بالطلب الخفيف اذا كانت مندوبة لكونها ناهية عن الفحشاء والمنكر ولكونها قربانا ومعراجا وعمودا. والصوم مطلوب لكونه جنّة من النار. والزكاة مطلوبة لكونها سببا لتطهير المال ونموّه لا سيما على مذهب العدلية والمعتزلة القائلين بان الاحكام الشرعية تابعة للمصالح الواقعية والمفاسد النفس الامرية.
فبالنتيجة تكون موضوعات الاحكام ذات مصالح ومنافع ، فلذا تكون مطلوبة ، فيكون تعريف الواجب النفسي غير منعكس ، اي جامع الافراد ، اذ الواجبات النفسية مما وجبت لما فيها من الخواص والفوائد والآثار.
ولازم هذا ان يكون تعريف الواجب الغيري غير مطرد ، اي غير مانع الاغيار ، لدخول الواجبات النفسية في تعريفه ، ولذا ينبغي في تحديد الواجب النفسي ان يقال انه وجب وأمر به لا لاجل التوصل الى واجب آخر.
وان الواجب الغيري ما أمر به لاجل التوصل به الى واجب آخر ، فيتم العكس والطرد في تعريف كل واحد منهما فلا يختل تعريف الغيري طردا ولا تعريف النفسي عكسا. وفي ضوء هذا ظهر ان الواجب النفسي على نحوين :
الاول : ان يكون مطلوبا بنفسه ، كوجوب المعرفة ، اذ لا تترتب عليه فائدة وغاية ، بل تكون بنفسها غاية ومطلوبة. فالمعرفة ما أمر بها لا لاجل الفائدة التى تترتب عليها.
والثاني : ان يكون مطلوبا لاجل الخواص التي تترتب عليه ، كاكثر العبادات