لمّا فرغ المصنف قدسسره عن التمسك بالاصل اللفظي وهو اصالة الاطلاق ، شرع في مورد التمسك بالاصل العملي فقال : ان هذا التمسك باصالة الاطلاق فيما اذا كان هناك اطلاق بان تمّت مقدمات الحكمة ، واما فيما اذا لم يكن هناك اطلاق بان اختلّت احدى مقدمات الحكمة ، كما اذا لم يكن المولى في مقام البيان ، او كان القدر المتيقن موجودا في مقام التخاطب ، او كانت القرينة على التعيين موجودة ، فلا بد من الرجوع الى الاصل العملي عند الشك في كون الواجب نفسيا او غيريا.
توضيح : وهو انه اذا علم المكلف بوجوب نصب السلّم ولكن شك في كونه واجبا لاجل الصعود على السطح او كونه واجبا لنفسه ، وتارة : يعلم بعدم وجوب الصعود ، واخرى يعلم بوجوبه ، وثالثة يشك في وجوبه اي وجوب الصعود على السطح.
ففي الاولى ، وهي ان يعلم بعدم وجوب الصعود ، يرجع الى اصالة البراءة عن وجوب نصب السلم للعلم بعدم وجوبه على فرض كون وجوبه غيريا ، اذ يعلم عدم وجوب ذي المقدمة الذي هو وجوب الصعود على السطح فعلا ، او جاء الامر بالوضوء من جانب المولى ، ولكن لا نعلم ان الوضوء واجب نفسي او واجب غيري يتوقف وجوبه على وجوب الصلاة ، ولكن لم يدخل وقت الصلاة بعد ، او اصل الصلاة ليس واجبا لى المكلف بسبب الحيض او النفاس ، فلا محالة يحصل الشك في وجوب الوضوء ، أهو نفسي أم غيري ، شكا بدويا. فمقتضى حكم العقل براءة من وجوبه ، مضافا الى اصالة عدم وجوب نفسيته ، فمع احتمال المذكور يكون التكليف بالوضوء مشكوكا.
وفي الثانية ، انه يعلم بوجوب الصعود فعلا ، يجب على المكلف نصب السلم بلا شبهة. مثلا : اذا ثبت وجوب الغير ـ اي ذي المقدمة اذ هو غير المقدمة ـ الذي يكون المشكوك من مقدماته بالضرورة او بالاجماع او بالدليل الاجتهادي كالآية القرآنية او كالرواية ، فلا شك ان هذا المشكوك واجب فعلا ، لانه ان كان وجوبه غيريا فيجب الإتيان به ، اذ وجوب الغير وذي المقدمة فعلي ، فلا محالة يكون