مجعول بتبع الشيء الملزوم. وهذا المقدار من الجعل يكفي في جريان الاستصحاب.
وبعبارة اخرى : ان وجوب المقدمة ، وان لم يكن مجعولا للشارع المقدس بالاصالة ومستقلا وعلى حدة ، ولكنه مجعول له بتبع جعل الوجوب لذي المقدمة. ومجعولية التبعية كافية في اجراء استصحاب عدم وجوب المقدمة حين الشك في وجوبها.
قوله : ولزوم التفكيك بين الوجوبين مع الشك لا محالة لاصالة عدم وجوب ... الخ هذا يكون لدفع التوهم وهو انه يلزم التفكيك بين الملزوم واللازم من حيث الوجوب لو أجري استصحاب عدم وجوب المقدمة اذ وجوب ذي المقدمة ـ كوجوب الحج ـ ثابت بالفرض ، ومقدمية ركوب الدابة او ركوب السيارة او ركوب الطيارة مسلّمة.
والحال ان الملازمة العقلية بين وجوب ذي المقدمة وبين وجوب مقدماته وملازماته ثابتة بالفرض ، فاستصحاب عدم وجوبها حينئذ مستلزم للتفكيك بين وجوب الملزوم وبين وجوب اللازم وهو فاسد.
فاشار المصنف الى دفعه وقال ان لزوم التفكيك بين الوجوبين ولزوم رفع الملازمة بينهما من اجل اجراء استصحاب عدم وجوب المقدمة لا ينافيان الملازمة بين الوجوبين واقعا وثبوتا.
فبالاستصحاب المذكور ترتفع الملازمة الظاهرية بين الحكمين الفعليين ، اي لا تبقى مع الاستصحاب ملازمة بين وجوب ذي المقدمة فعلا وبين وجوب مقدمته كذلك ، ولا ترتفع به الملازمة الواقعية بين الحكمين الواقعيين ، يعني اذا كان ذو المقدمة واجبا واقعا كان وجوبه ملازما لوجوب المقدمة واقعا.
ولكن في الظاهر ، بحكم الاستصحاب ، يحكم بعدم وجوبها ظاهرا فالاستصحاب لا ينافي الملازمة بين الوجوبين ثبوتا ، فالمقدمة لم تكن واجبة ظاهرا بحكم الاصل والاستصحاب للشك في الملازمة اثباتا.
فالمقام يكون نظير استصحاب حياة زيد واستصحاب عدم نبات لحيته ، والحال انه يكون من لازم حياته نبات لحيته ، لا سيما اذا كانت غيبته مدة طويلة.