الشريعة الاسلامية ، واما بناء على كون معانيها المعلومة ثابتة في الشرائع الماضية كما هو مستفاد من الآيات نحو قوله تعالى في كتابه : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)(١) ونحو قوله تعالى : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ)(٢) ونحو قوله تعالى : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ)(٣) وغيرها من الآيات الأخر فتكون الفاظ العبادات حقائق لغوية في هذه المعاني فلا يكون مجال للنزاع.
فان قيل ان اختلاف الشرائع في العبادات من حيث الأجزاء والشرائط موجب لعدم وحدة معانيها ، بل هي متعددة مختلفة ، فلا تكون حقائق لغوية ، بل تكون حقائق شرعية في هذه المعاني المعهودة الشرعية لاختراع الشارع المقدس اياها. فلا يمكن دعوى وحدة معانيها حتى تكون حقائق لغوية فيها.
قلنا : ان اختلاف الشرائع في العبادات من حيث الأجزاء والشرائط لا يدل على اختلاف في الماهية ولا على تعدد الماهوي ، لانه يمكن ان يكون هذا الاختلاف في المصداق وفي التطبيق. مثلا : ان الصلاة قربان كل تقي واختلاف مصاديقه في الشرائع لا يوجب اختلافا في هذا المعنى العالي الذي يكون واحدا في الشرائع ، ولا يضر الاختلاف بوحدته كما ان الاختلاف فيها ، بحسب حالات المكلف من التمام والقصر ، ومن القيام والجلوس ، لا يقدح في وحدة ماهية الصلاة وفي آثارها ، فكذا الاختلاف في الشرائع فلا يكون مجال للنزاع مع وحدة الماهية للصلاة في جميع الشرائع ، فتكون الصلاة نظير الانسان الذي يختلف مصداقه وتتحد ماهيته وحقيقته كما لا يخفى.
__________________
(١) سورة البقرة : آية ١٨٣.
(٢) سورة الحج : آية ٣٧.
(٣) سورة مريم : آية ٣١.