مقدماته ، كما ان المقدمات ـ اي مقدمات الحرام والمكروه ـ من حيث الترك ليست علة وسببا لترك الحرام والمكروه ، لانه يمكن ان يريد المكلف فعل الحرام كشرب الخمر مثلا ، وفعل المكروه كأكل الشحمة مثلا. ولكن يحصلان له بفعل الغير بلا اتيانه مقدمتهما ، فيكون الحرام والمكروه تابعين لارادة المكلف فعلا وتركا ، بلا دخل فعل مقدمتهما في فعلهما ، وبلا دخل ترك مقدمتهما في تركهما ، فلا يترشح من طلب تركهما طلب ترك مقدمتهما.
نعم بعض المقدمات يكون شرطا لفعل الحرام او شرطا لترك الحرام. فالاول : مثل وجود الثمن لاشتراء الخمر. والثاني : مثل عدم وجود الثمن لدى المكلف وبعضها الآخر يكون مقتضيا لفعل الحرام او مقتضيا لترك الحرام.
فالاول : مثل حرية المكلف في فعل الحرام كما في القارة الاوربية والامريكية.
والثاني : مثل عدم اجازة القانون الاساسي الاسلامي لفعل الحرام كما في ايران والباكستان الاسلاميتين وغيرهما من الممالك الاسلامية. وبعضها الآخر معدّ لفعل الحرام كوجود الخمر ، او لترك الحرام مثل عدم وجود الخمر ، وكل واحد من الشرط والمقتضي والمعد ليس بحرام ، لان المكلف ـ مع وجود احدها ـ قادر على فعل الحرام وعلى تركه بحيث ان شاء فعله وان شاء تركه.
فمقدمات الحرام والمكروه ليست بحرام ولا مكروه. فاذا حرم إحراق المسلم لم يحرم حفر الحفيرة ولا جمع الحطب ولا جمع الخشب ولا تأجيج النار لامكان ان يتحقق جميع هذه المقدمات ، ولكن لا يتحقق الإحراق في الخارج اذ قدرة المكلف على الإحراق وعلى تركه محفوظة.
نعم يحرم من بين جميع المقدمات خصوص الالقاء في النار لانه هو المقدمة الاخيرة التي لا يتمكن المكلف معها من ترك الإحراق المحرّم في الخارج. فيترشح من طلب ترك إحراق المسلم طلب ترك القائه في النار فيحرم خصوص هذه المقدمة من بين جميع مقدمات الحرام.
وكذا الامر في جانب المكروه ، مثل : طلاق الزوجة لانه مكروه في الشريعة