ثانيهما : ان عادة الشارع ، عند وجود القرينة الصارفة ، وعند عدم قرينة معيّنة لاحد الأمرين الفاسد والصحيح هو قصد خصوص الصحيح دون الفاسد ودون الاعم اثباتهما دون خرط القتاد. اعلم ان القرينة الصارفة انما تلزم على القول بعدم الحقيقة الشرعية في الفاظ العبادات في عصر الشارع صلىاللهعليهوآلهوسلم للمعنى المجازي ، والقرينة المعينة تلزم التعدد للمعنى المجازي.
تصوير النزاع على مذهب الباقلاني :
قوله : وقد انقدح بما ذكرنا تصوير النزاع على ما نسب الى القاضي الباقلاني الكلام في تصوير النزاع على هذا القول. بيانه : ان الشارع هل نصب القرينة العامة على ارادة المعنى الصحيح وتحتاج ارادة الاعم من الفاظ العبادات الى قرينة خاصة ، او ان الشارع نصب القرينة العامة على ارادة الاعم وتحتاج ارادة الصحيح منها الى قرينة خاصة.
فالصحيحي يقول بالاول والأعمّي بالثاني. اعلم : ان المراد من القرينة العامة ما يدل على الأجزاء والشرائط في الجملة ، والمراد من القرينة الخاصة ما يدل على جميع الأجزاء والشرائط جميعها ، او تدل عليهما في الجملة. فبالنتيجة هل يكون مقتضى القرينة المضبوطة الواقعة في كلام الشارع المقدس هو تمام الأجزاء والشرائط أو في الجملة ، اي سواء كان مقتضاها تمام الأجزاء والشرائط أم كان معظم الأجزاء والشرائط.
فتحصّل مما ذكرنا انه يمكن تصوير النزاع فيهما ـ اي في الصحيح والاعم ـ على مذهب المثبتين وعلى مذهب النافين ، وعلى مذهب القاضي الباقلاني ، اما على الاول : فيقال ان الشارع اما وضعها تعيينا قولا أو استعمالا للصحيح أو للأعم. واما على الثاني : فيقال ان الشارع لاحظ العلاقة بين المعنى اللغوي الحقيقي وبين الصحيح ، أو لاحظ بين اللغوي وبين الاعم ، وأما على الثالث : فيقال ان مقتضى القرينة التي تخصّص المعنى اللغوي أو تقيّده هو تمام الأجزاء والشرائط أو يكون