التصديق ، فإنّه من أفعال القلوب ، وإن اختلفوا في أنّ المعتبر من التصديق هل هو التصديق اليقيني الثابت الجازم الناشئ من الأدلّة ، او أنّه يتحقّق مع فقد بعض القيود ، أو كلّها ، على أقوال لا داعي للتعرض لها في المقام.
وممّا سمعت وغيره يظهر ضعف القول الثاني المنسوب إلى الكرّاميّة (١) ، وإن استدلّوا له
بالنبوي عليهالسلام : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلّا الله (٢).
وبقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأسامة (٣) حين قتل من تكلّم بالشهادتين : هل شققت قلبه (٤).
واستدلّوا أيضا بأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والصحابة كانوا يكتفون في الخروج عن الكفر بكلمتي الشهادة.
ولكن ضعف المجموع واضح ، فإنّ اعتبار اللسان إنّما هو بالنسبة الى الحكم الظاهري في الكشف عن حقيقة الإيمان ، واين هذا من اعتباره في نفس الحقيقة.
__________________
(١) هم أتباع محمّد بن كرّام السجستاني المتكلم المتوفى سنة (٢٤٤) في بيت المقدس.
(٢) بحار الأنوار ج ٣٧ ص ١١٣.
(٣) هو اسامة بن زيد بن حارثة الكلبي وامّة أمّ ايمن توفي سنة (٥٤) ـ العبر في خبر من غبر ج ١ ص ٥٩.
(٤) بحار الأنوار ج ٢١ ص ١١ عن تفسير القمي في تفسير («وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً) ... (سورة النساء : ٩٤).
قال بعث النبي (ص) اسامة بن زيد في خيل الى بعض قرى اليهود في ناحية فدك ليدعوهم الى الإسلام وكان رجل من اليهود يقال له مرداس بن نهيك فلمّا أحسّ بالخيل جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل فأقبل يقول : اشهد ان لا إله إلا الله وأنّ محمّدا رسول الله ، فمرّ به أسامة فطعنه وقتله ، فلمّا رجع الى رسول الله (ص) وأخبره بذلك فقال له رسول الله (ص) : قتلت رجلا شهد ان لا اله إلّا الله وانّي رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله إنما قالها تعوّذا من القتل ، فقال رسول الله (ص) : «فلا شققت الغطاء عن قلبه ، لا ما قال بلسانه قبلت ولا ما كان في نفسه علمت ... إلخ تفسير القمي ص ١٣٦ ـ ١٣٧.