يقيم صلاة واحدة بحدودها تامّة» (١) لكنّه بعيد في الآية ، بل في الخبر أيضا.
نعم ربما يرجّح المعنى الأوّل على غيره نظرا إلى أنّه أشهر ، وإلى الحقيقة أقرب ، وأفيد ، لتضمّنه التنبيه على أنّ الحقيق بالمدح من يراعي حدودها الظاهرة من الفرائض والسنن وحقوقها الباطنة من الخشوع والإقبال بقلبه على الله تعالى ، لا المصلّون (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) ، ولذلك ذكر في سياق المدح (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) (٢) وفي معرض الذمّ (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) (٣).
أقول : وفيه أنّ دعوى الأشهريّة ممنوعة ، بل وكذا الأقربيّة ، ولو سلّمنا الأخيرة فهو إنّما يوجب الترجيح على غير الحقيقة ، وقد سمعت كونه حقيقة على الوجه الثاني.
وأمّا ما أفاده عن زيادة الفائدة فمن البيّن أنّه لا اختصاص له بالأوّل ، بل المداومة والتجلّد والنفاق أوجب لحسّ القبول بسبب الكمال أيضا كذلك وإن كان كلّ منها موجبا للكمال من وجه.
ومن هذا من بعد ملاحظة ما مرّت الإشارة إليها غير مرّة يظهر أنّ الأولى الحمل على المستجمع لجميع صفات لكمال من جهة حسن الفعل وتسويته ونفاقه وحسن الاهتمام به والتشمّر لأدائه والمداومة على فعله بعد اشتماله على الآداب والوظائف الداخلة والخارجة.
ولذا ورد في النبويّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنّ تسوية الصفّ من اقامة الصلاة» (٤) ، وفي
__________________
(١) الحدائق ج ٨ ص ٢ عن الوسائل الباب ١ من افعال الصلاة.
(٢) النساء : ١٦٢.
(٣) الماعون : ٤.
(٤) الحدائق ج ١١ ص ١٦٨ عن صحاح العامّة مثل سنن ابي داود وصحيح مسلم وصحيح البخاري.