الْمُفْسِدِينَ) (١).
أم كيف تجيب ربّك إذا خاطبك بقوله : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٢) بل كيف تجحده وتعانده وناصيتك في يده وقبضته ، تصبح وتمسي في نعمته ، وتتقلّب في ملكه وهو مطلع عليك ، ناظر إليك ، حاضر لديك قال الله سبحانه : (إِنِّي مَعَكُمْ) (٣) (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) (٤) ، (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (٥) (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) (٦).
فإن استطعت أن تخرج من ملكه ، وتبعد من حضوره فاعصه ، وإلّا فاستحي من الله تعالى ، لا أقول : حقّ الحياء ، بل بعض الحياء.
وإمّا مصدّق بالله وبرسوله قولا وفعلا وحالا ، وخطرة ، وخيالا ، فقد باشر قلبه روح اليقين ، وحينئذ لا يمكن أن يستلذّ بشيء من معصية الله ، وكيف يستلذّ بأكل مال اليتيم ظلما وهو يسمع الله سبحانه يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (٧).
فهل رأيت أحدا يستلذّ بأكل النّار ، سيّما مع كونها لا تطفأ أبدا ، وكذا غيره من وعده ووعيده.
__________________
(١) النمل : ١٤.
(٢) يس : ٦٠.
(٣) المائدة : ١٢.
(٤) الحديد : ٤.
(٥) ق : ١٦.
(٦) الواقعة : ٨٥.
(٧) النساء : ١٠.