بل قال الصدوق في عقائده : اعتقادنا في الغلاة والمفوّضة أنّهم كفّار بالله جلّ جلاله ، وأنّهم شرّ من اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، والقدرية ، والحروريّة ، ومن جميع اهل البدع والأهواء المضلّة ، وأنّه ما صغّر الله عزوجل تصغيرهم شيء ، قال الله جلّ جلاله : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١).
وقال الله عزوجل : (لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ ...) (٢) الى أخر ما ذكره.
وبالجملة لا اشكال في ذلك ، إنّما الكلام في تحقيق الموضوع فالمحكيّ عن كثير من القميّين بل وغيرهم من بعض القدماء أيضا الحكم بالغلوّ والارتفاع بمجرّد التعدّي عما اعتقدوه في النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والائمة عليهمالسلام بحسب اجتهاداتهم فلا يجوّزون التعدّي عنها ويعدّونه غلوّا ويتّهمون به من روى فيهم شيئا من المناقب وخوارق العادات وجهات علومهم ، وأحوالهم الغريبة ، وجعل الصدوق نقلا عن شيخه ابن الوليد (٣) أوّل درجة الغلوّ نفي السهو عن النبيّ والأئمّة عليهالسلام.
وقال في العقائد : إنّ علامة المفوّضة والغلاة وأصنافهم نسبتهم مشايخ قم وعلمائهم إلى القول بالتقصير.
لكنّ المتأخّرين رموه بقوس واحدة ، ونسبوه كغيره من القميّين الى القصور
__________________
(١) آل عمران : ٧٩ ـ ٨٠.
(٢) النساء : ١٧١.
(٣) بحار الأنوار ج ١٧ ص ١٠٣.