القبيح والظلم ، فهل ترى الله سبحانه وهو العليم الحكيم الرءوف الرّحيم أن يرتكب ما ينسب فاعله الى السفاحة وسخافة الرأي والجهالة والظلم.
ولقد أجاد فيما أفاد الصاحب بن عبّاد (١) حيث قال : كيف يأمر الله الكفار بالإيمان وقد منعهم عنه أو ينهاهم عن الكفر وقد حملهم عليه ، وكيف يصرفهم عن الايمان ثم يقول : (أَنَّى يُصْرَفُونَ) (٢) وخلق فيهم الإفك ثمّ قال : (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٣) ، وجعل فيهم الكفر ، ثمّ يقول : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ) (٤) ، وجبّلهم على الصد ، ثمّ يقول : (لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (٥) وحال بينهم وبين الايمان ثم قال : (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ) (٦) وذهب بهم عن الرشد ثم قال : (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) (٧) وأضلّهم حتّى أعرضوا عن الدين ، ثم قال : (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) (٨).
واعلم أنّ التعبير بالمعارضة إنّما هو مع تسليم ما ذكروه من دلالة الآية على وقوع التكليف بما لا يطاق ولو بمعونة ما ذكروه من المقدّمات ، وإلّا فعلى ما هو الحقّ من عدم دلالة الآية أصلا فلا تعارض بينهما على وجه حسبما تسمع.
الجواب الثاني النقض بعلمه سبحانه بالنسبة إلى أفعاله وتروكه ، حيث إنّه يلزم على ما قرّروه أن لا يكون سبحانه قادرا على شيء من الممكنات الّتي يوجد
__________________
(١) هو أبو القاسم إسماعيل بن عبّاد الطالقاني المتوفى (٣٨٥) ه.
(٢) المؤمن : ٦٩.
(٣) المائدة : ٧٥.
(٤) البقرة : ٢٨.
(٥) آل عمران : ٩٩.
(٦) النساء : ٣٩.
(٧) التكوير : ٢٦.
(٨) المدثر : ٤٩.