عزوجل (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) (١) (٢).
وهذا مجمل الكلام في الإشارة إلى الحجب القلبيّة على ما يظهر لي من الآيات والاخبار والمقصود الإشارة إلى نوع الحجب ، وإلّا فقد وردت في المقام ألفاظ أخر ، بل المراتب المتقدّمة ربما يطلق على بعضها اسم غيرها ، وقد أشرنا إلى الحجب على نمط أخر عند التعرّض لوظائف التّلاوة.
انّ في هذه الآية والّتي قبلها اشارة لطيفة إلى الأمر بين الأمرين فانّه نسب إليهم الكفر والإصرار عليه وعلى ترك الايمان بحيث لا ينجع التّبليغ والإنذار عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فضلا عن غيره فيهم أصلا وذمّهم على ذلك حتّى أوعدهم بالعذاب العظيم لكنّه نسب الختم إلى نفسه تعالى تنبيها على أنّ فيضه تعالى غير مقطع عنهم في حال من الأحوال سواء اختاروا الكفر أو الايمان كما قال : (كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) (٣).
فالعطايا الالهيّة والإمدادات الربّانيّة من القدرة والاستطاعة وساير الأدوات والآلات وغيرها واصلة إلى كلّ أحد في كلّ حال وصولا سيّالا اتّصاليّا بلا فرق بين أن يصرفها في الطّاعة أو في المعصية ، فان كان الفعل طاعة فقد أرشده الله وأمره وأقدره عليها وأثابه بفعلها ، وإن كان معصية فقد بيّن له ونهاه وزجره واقدره كيلا يكفّ الظّالم من ظلمه قسرا وجبرا.
وإليه أشار الصّادق عليهالسلام بقوله : شاء الله أن أكون مستطيعا لما لم يشأ أن أكون فاعله (٤).
__________________
(١) سورة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم : ٢٤.
(٢) تفسير البرهان ج ٤ ص ١٨٦.
(٣) الإسراء : ٢٠.
(٤) التوحيد ص ٣٥٣.