والرّضا عليهالسلام حيث ذكر عنده الجبر والتفويض فقال لأعطينكم (١) في هذا أصلا لا تختلفون فيه ولا يخاصمكم عليه أحد إلّا كسرتموه ، قلت إن رأيت ذلك ، فقال ، إنّ الله عزوجل لم يطع بإكراه ، ولم يعص بغلبة ، ولم يهمل العباد في ملكه هو المالك لما ملكهم والقادر على ما أقدرهم عليه فإن ائتمر العباد بطاعته لم يكن الله تعالى منها صادا ولا عنها مانعا وإن ائتمرا بمعصيته وشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل ، وإن لم يحل وفعلوه فليس هو الّذي أدخلهم فيه (٢) ، الخبر.
ومنه يظهر جواز استناد الآثار المترتّبة على المعصية من الختم والزيغ والرّين وغيرها حسبما سمعت إلى العبد لأنّه الفاعل المختار إلى الله تعالى لأنّه الواهب للفيوض وربما يشعر به قوله تعالى : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) (٣) ، (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) (٤) ، (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) (٥).
ومن هنا يظهر الوجه في نسبة الختم إليه سبحانه بناء على ما هو المعلوم من قواعد العدليّة.
وربما يذكر فيه وجوه أخر منها : أنّ المراد بالختم العلامة وإذا انتهى الكافر في كفره إلى حالة يعلم الله تعالى أنّه لا يؤمن فإنّه تعالى يعلم على قلبه علامة يعرفه بها الملائكة والأنبياء كما أنه تعالى جعل للمؤمنين سمة يعرفهم بها من يعرفهم ، فيستغفرون له ويحفظون عليهم ، قالوا والفائدة في تلك العلامة إمّا عائدة إلى الملائكة والأنبياء والأوصياء لأنّهم متى علموا بتلك العلامة كونه كافرا ملعونا عند الله صار
__________________
(١) في البحار ج ٥ ص ١٦ : ألا أعطيكم.
(٢) بحار الأنوار ج ٥ ص ١٦.
(٣) الصف : ٥.
(٤) المنافقون : ٣.
(٥) النساء : ١٥٥.