قال سبحانه : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) (١).
وفي تفسير الامام عن الصّادق عليهالسلام انّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا دعا هؤلاء النفر المعيّنين في الآية المتقدّمة وهي قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٢) وأظهر لهم تلك الآيات فقابلوها بالكفر أخبر الله عزوجل عنهم بانّه ختم على قلوبهم وعلى سمعهم ختما يكون علامة للملائكة المقرّبين القرّاء لما في اللّوح المحفوظ من أخبار هؤلاء المذكورين فيه أحوالهم حتّى إذا نظروا إلى أحوالهم وقلوبهم وأسماعهم وشاهدوا هؤلاء المختومين على جوارحهم يجدون على ما قرءوه من اللّوح المحفوظ وشاهدوه في قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم ازدادوا بعلم الله عزوجل بالغائبات يقينا فقالوا : يا رسول الله فهل في عباد الله من يشاهد هذا الختم كما يشاهده الملائكة؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بلى محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم يشاهده باشهاد الله تعالى له ، ويشاهده من امّته أطوعهم لله عزوجل وأشدّهم جدّا في طاعة الله ، وأفضلهم في دين الله فقالوا : من هو يا رسول الله؟ وكلّ منهم يتمنّى أن يكون هو ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دعوه يكن ممّن شاء الله ، فليس الجلالة في المراتب عند الله تعالى بالتّمن ولا بالتظنّي ولا بالاقتراح ولكنّه فضل من الله عزوجل على من يشاء يوفّقه للأعمال الصّالحة يكرمه بها فيبلغه أفضل الدّرجات وأشرف (٣) المراتب ، انّ الله تعالى سيكرم بذلك من يريكموه في غد فجدّوا في الأعمال الصّالحة فمن وفّقه الله لما يوجب عظيم كرامته فلله عليه بذلك الفضل العظيم (٤).
__________________
(١) الإسراء : ٤٥ ـ ٤٦.
(٢) البقرة : ٦.
(٣) في البحار : وأفضل المراتب.
(٤) بحار الأنوار ج ٤٢ ص ٢١ ـ ٢٢ عن تفسير الامام عليهالسلام ص ٣٦.