المخرج ، على ما صرح به غير واحد من أصحاب هذا الشأن.
بل عن سيبويه التصريح بأنّ أصل الحروف العربيّة تسعة وعشرون حرفا. وهي الهمزة ، والألف ، والهاء ... إلخ
وعنه وعن الأخفش ، وناظم الشاطبية وشرّاحة أنّ حروف الحلق سبعة بزيادة الألف ، وجعلوا مخرجها بعد الهمزة قبل الهاء ، أو بعدها. وفي «طيبة النشر» للجزري : أنّ للحروف الثلاثة الليّنة وهي الجوفيّة هواء الفم ، ولذا تسمّى هوائيّة أيضا.
الى غير ذلك مما يدلّ على مغايرتها للهمزة ، ولذا اضطرب كلمات الفريقين في الجمع بين الدليلين ، وتحقيق ما هو الحقّ في البين.
فعن بعضهم القطع بالتغاير مع اختلاف المخرجين ، واحتمال الأمرين مع الاتّحاد ، وعن صاحب «الكشّاف» ، وغيره أنّها تسعة وعشرون حرفا واسمها ثمانية وعشرون.
واختار بعض مشايخنا عطّر الله مرقده كونها تسعة وعشرين نطقا وثمانية وعشرين دية ، وجمع بذلك بين كلام أهل العربية والفقهاء.
أقول : أمّا اختلاف المخرجين فلا بدّ من التزامه على فرض القول به في الواو والياء الليّنتين أيضا كما عن الجزري ، إلّا أنّ هذا القول شديد الشذوذ جدّا ، فإنّ مخرج كلّ من الواو والياء على فرض كونها ليّنة وغيرها متّحد عند الجمهور ، ومثلها الهمزة والألف ، ولا يخفى أنّ مجرّد الإختلاف في المخرج لا يقضي بالتعدد فإنّ الحروف اللّينة مخارجها مغايرة لأصولها عند الجزري ، ولا أراه ولا غيره يلتزم بزيادة عددها على أعداد الحروف ، ومن هنا يظهر ترجيح القول بكونها ثمانية وعشرين على ما هو المشهور المستفاد من المعتبرة المتقدّمة كما ظهر منه أيضا ضعف الوجوه المتقدّمة المحكيّة عنهم حتى الخبرين المتعارضين بأرجح منهما