ديننا حتّى يبعث الله النّبي الموعود المبشّر به في الكتب السّماوية وهو نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم
(فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) ولذا تهكّم بهم (فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) (١).
ومنها غير ذلك ممّا يقال في المقام أيضا من أنّ الآية إنّما جاءت في قوم مخصوصين من الكفار فعل الله بهم هذا الختم والطبع في الدنيا عقوبة عليهم في الأجل كما عجّل لكثير من المشركين عقوبات في الدّنيا فلا غرو أن يسقط عنهم التكليف بذلك كما سقط عمّن مسخه الله قردة وخنازير وانّه يجوز أن يجعل الله على قلوبهم الختم من غير أن يكون ذلك حائلا بينهم وبين الايمان بل يكون ذلك كالبلادة الّتي يجدها الإنسان في قلبه ، والقذى في عينيه ، والطنين في اذنه ، فيضيق به صدورهم ويكون ذلك نوع عقوبة على بعض أعمالهم وانّه يجوز أن يفعل بهم هذا الختم في الآخرة كما قال سبحانه : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) (٢).
وأنت ترى أنّ أنّ كثيرا من هذه الوجوه لا يخلو عن تكلّف مع بعدها عن مساق الآية ، وعدم مساعدة القرينة بل الوجه ما نبّهنا عليه أوّلا وكذا الوجه الأوّل المرويّ عن الامام عليهالسلام ، حيث إنّه لا تنافي بينهما كما لا يخفى.
وممّا مرّ يظهر الوجه في نسبة الطبع والزيغ والإضلال وغيرها إليه سبحانه من دون نسبة الظلم إليه سبحانه ، والإنكار لعدله ، ولا التزام بالقول بالجبر ، وإن اضطرّت إليه الأشاعرة فاخطأ والصّواب ، كما أخطأت القدرية في قولهم بالتفويض.
وما يقال من أنّ كلا الفريقين لم يطلبا إلّا اثبات جلال الله وعلوّ كبريائه إلّا أنّ
__________________
(١) البقرة : ٨٩.
(٢) الإسراء : ٩٧.