ذلِكَ) (١) أي جمع منّا ، لكنّ المشهور عندهم تقدير الموصوف في الظّرف الثّاني على أنّه مبتداء ، والظّرف الأول خبره ، ويشهد لهم أنّ المسموع عنهم قولا واحدا انّ من النّاس رجالا كذا وكذا ، ولم يسمع الرفع من واحد ، وقد مرّ بعض الكلام في (سَواءٌ عَلَيْهِمْ) وفي الثّاني الاشعار بأنّ هذا القول غير مجد لهم فهم باقون على عدم إيمانهم مع أنّه كالتّمهيد لما يتعقّبه ممّا هو بمنزلة التعليل.
ثمّ إنّ الموصولة تقع للمفرد والمثنّى والمجموع ، والمراد بهما في المقام الأخير ، وان كان لفظها لفظ المفرد ولذا أفرد ضميرها في (يَقُولُ) وجمعه في (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) لجواز مراعاة كلّ من اللّفظ والمعنى في ذلك.
والقول مصدر بمعنى التلفّظ بما يفيد فائدة ما وإن كان مفردا لكنّه قد يستعمل بمعنى المقول والمعنى النفسي ، والراي والفعل ، ومقوله في المقام الجملة الفعليّة بصلتيه والمراد إخبار كلّ منهم عن إيمانه ، ويجوز أن تكون الجملة مقولة لكلّ منهم ، فيجمع بين دعوى الايمان لنفسه والشهادة به لغيره ممّن جمعهم النفاق.
والاقتصار على ذكر الايمان بالله واليوم الاخر في كلامه سبحانه أو في قولهم لتخصيص ما هو المقصود الأعظم من الايمان بالذكر ، سيّما مع ما سمعت من أنّ المنافقين كانوا من كفّار قريش مولعون بعبادة الأوثان للإشعار بانّ قضيّة صدق الايمان بهما الأخذ بجميع عرى الإسلام وشرائعه من حيث العقائد والأعمال بملاحظة احتساب الأفعال الصادرة ومراقبة الله سبحانه والاستعداد للقائد بأخذ الزّاد إلى المعاد وللاكتفاء عن الجميع بالطرفين المكتنفتين به أعني الايمان بالمبدإ والمعاد ، وللتنبيه على أنّهم منافقون فيما يدّعون فيه الإخلاص فما ظنّك بما يقصدون به النفاق ، فانّ ايمانهم بالله كان على وجه التشبيه والحلول والاتّحاد
__________________
(١) الجنّ : ١١.