الشريعة ولو اجمالا من اركان الايمان.
وفي تكرير الباء دعوى استقلال الايمان وتأكّده بكلّ منهما ، (وَما هُمْ) يعني هؤلاء المنافقين وأتباعهم (بِمُؤْمِنِينَ) تكذيب لهم وانكار عليهم فيما أخبروا عنه من التّصديق والإذعان.
ومطابقة الرّد للدّعوى وان اقتضت أن يقال : وما آمنوا إلّا أنّه عدل عن ذكر شأن الفعل كما فعلوا إلى ذكر شأن الفاعل لأنّ الركن الأهمّ في الأوّل هو المحكوم به وفي الثاني هو المحكوم عليه ، فلذا عدل من الفعليّة إلى الاسميّة أيضا وذلك كقوله : (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) (١) مع ما فيه من سلوك طريق الكناية في ردّ دعواهم الباطلة فانّ انخراطهم في سلك المؤمنين من لوازم ثبوت الايمان الحقيقي لهم ، وانتفاء اللّازم أبلغ في الدّلالة على انتفاء ملزومه.
وأيضا إخراج ذواتهم من عداد المؤمنين أبلغ من نفي صفة الايمان عنهم سيّما مع دلالة الأوّل على الدّوام المستلزم لانتفاء حدوث الملزوم مطلقا وتقيّد الثاني بالزّمان الماضي ثمّ انّه أكّد النّفي بالباء المتمحّضة لذلك ولذا سمّوها زائدة وفيها تأكيد النفي لا النفي كما أنّ النفي في الجملة الاسميّة المفيدة للاستمرار يرجع إلى استمرار النفي لا نفي الاستمرار ، لأنّ الإثبات والنفي هو الحكم والاستمرار وعدمه من مقتضيات الاسميّة والفعلية.
وحذف المتعلّق إمّا للاشعار على العموم بناء على أنّهم ليسوا من الايمان في شيء ولا كرامة ، وإمّا لظهور التقييد فالمنفي إيمانهم بالأمرين معا او بكلّ منهما وإن اتّحدا في الحكم والاسم ضرورة أنّ التّصديق بشيء من الأصول الايمانيّة لا يستحقّ اسم الايمان ولا حكمه ما لم ينضمّ إليه التصديق بسائرها ، ولذا لم نحكم
__________________
(١) المائدة : ٣٧.