وأنت ترى قصور مثل هذه الوجوه ، سيّما في ما يجب فيه التوقيف.
نعم يصحّ المعنى على الوجهين كما يصحّ على القراءات الاخر الّتي ليست من العثر حكاها في «الكشاف» مجهولة القائل ولذا لا يجوز القراءة بها ، وهي : وما يخدعون ، من خدّع بالتّشديد للفاعل ، ويخدعون بفتح الياء بمعنى يختدعون ، ويخدعون ويخادعون كلاهما على لفظ ما لم يسمّ فاعله ، ويكون نصب (أَنْفُسَهُمْ) حينئذ على حذف الجار ، ويجوز أن يكون حرف المجاوزة أو الابتداء.
وأنفس جمع نفس تحقيرا أو تقليلا ، بناء على اعتبار الفرق بين القلّة والكثرة ، وهي في الأصل ذات الشّيء وحقيقته ، وهي المشيّة الجزئيّة ، ويطلق على الرّوح بأقسامها الأربعة : وهي النّامية النباتية ، والحسّية الحيوانيّة ، والنّاطقة القدسيّة ، والكلّية الالهيّة كما في العلوي المشتهر (١) ، وعلى ما يقابل العقل بمراتبها السّبعة ، وعلى ما يقابل الغير ، وعلى الرّوح البخاري ، والقلب الصّنوبري ، والدّم ، والبدن ، والرّاي ، وغيرها.
إلّا أنّ المراد بها في المقام هو الأول ويحتمل ارادة غيره من المعاني على تكلّف في بعضها.
والمراد أنّ الخداع لاصق بهم لا يعدوهم إلى غيرهم ولا يتخطّاهم إلى من سواهم ، فانّهم قد هلكوا بنفاقهم فضالا عن خداعهم وإيذائهم وإن نالوا من المؤمنين ما نالوا من المال والجاه والرياسات وغيرها ، فانّ جميع ذلك مما يستحقر دون يسير مما اعدّ لهم من الخسارة اللّازمة والعقوبة الدائمة ، والإبقاء عليهم إنّما هو على جهة الإمهال والاستدراج.
__________________
(١) في البحار ج ٦١ ص ٨٥ : هذه الاصطلاحات لم تكد توجد في الاخبار المعتبرة المتداولة ، وهي شبيهة بأضغاث أحلام الصوفية.