قال الإمام عليهالسلام في قوله : (وَما يَخْدَعُونَ) ما يضرّون بتلك الخديعة (إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) ، فانّ الله غني عنهم ، وعن نصرتهم ، ولولا إمهاله لهم لما قدروا على شيء من فجورهم وطغيانهم (١).
(وَما يَشْعُرُونَ) أنّ الأمر كذلك ، وأنّ الله تعالى يطلع نبيّه على نفاقهم وكذبهم وكفرهم ، ويأمره بلعنهم في لعنة الظّالمين النّاكثين ، وذلك اللّعن لا يفارقهم في الدّنيا ويلعنهم خيار عباد الله ، وفي الآخرة يبتلون بشدائد عقاب الله ، إلى هنا كلام الامام عليهالسلام.
وأصل الشعر بالكسر مصدر شعرت من باب قعد شعرا وشعرة بمعنى فطنت ، وهو الإحساس بالشيء من جهة تدقّ ، ومنه اشتقاق الشّعر لأنّ الشاعر يفطن لما يدقّ من المعنى والوزن.
قيل : ولا يوصف الله سبحانه بانّه يشعر لما فيه من التلطّف والتخيّل ، ولعلّ الأولى التعليل بما فيه من استعمال الحاسّة في الإدراك ، فانّ الشعور هو الإحساس ، ومشاعر الإنسان حواسّه ، وليس إدراكه بمعونة الآلات والأدوات.
وانّما لم يشعروا لأنّ حواسّهم وإدراكاتهم مقصورة على إدراك ظاهر الحيوة الدّنيا ، (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) ، وذلك للختم المضروب على قلوبهم وسمعهم والغشاوة المغطاة على أبصارهم.
قال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام خطابا للحسنين عليهماالسلام :
ابنيّ إنّ من الرجال بهيمة |
|
في صورة الّرجل السميع المبصر |
فطن بكلّ رزيّة في ماله |
|
وإذا أصيب بدينه لم يشعر |
__________________
(١) تفسير المنسوب الى الامام عليهالسلام ص ٥٥.