وفي «الحواشي البهائيّة» : لا يبعد أن يحمل قولهم : (آمَنَّا) في احدى الآيتين على الإنشاء ، كما يقول القائل : آمنت بالله ، وفي الاخرى على الإخبار ، فإن حملت الثانية عليه لم يحتج إلى توجيه إخلائها من التوكيد.
أقول : ولعلّ من فوائد التكرير مضافا الى ما مرّ كونه تمهيدا لما قوبل به ممّا يسجل عليهم نفاقهم وخداعهم واستهزائهم بالمؤمنين.
روى في المناقب عن تفسير الثعلبي ، وفي كشف الغمّة عن ابن عباس أنّ عبد الله بن أبيّ وأصحابه تمعّكوا مع علي عليهالسلام في الكلام ، فقال علي عليهالسلام : يا عبد الله اتقّ الله ولا تنافق فإنّ المنافق شرّ خلق الله ، فقال : مهلا يا أبا الحسن والله إنّ أيماننا كايمانكم ، ثمّ تفرّقوا ، فقال عبد الله : كيف رأيتم ما فعلت؟ فأثنوا عليه ، فنزلت.
ورواه موفّق بن أحمد ، وهو من أكابر العامّة في كتابه ، ثمّ قال بعد نقل الخبر : دلّت الآية على ايمان علي عليهالسلام كرّم الله وجهه ظاهرا وباطنا ، وعلى قطعه موالاة المنافقين وإظهار عداوتهم ، والمراد بالشياطين رؤساء الكفّار. انتهى (١).
وفي تفسير الامام عن الكاظم عليهالسلام أنه قال : (وَإِذا لَقُوا) هؤلاء الناكثون البيعة المواطئون على مخالفة علي عليهالسلام ودفع الأمر عنه (الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) كإيمانكم ، إذا لقوا سلمان والمقداد وأبا ذرّ وعمّارا قالوا آمنّا بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسلّمنا له بيعة عليّ عليهالسلام وفضله وأنفذنا لأمره كما آمنتم ، إنّ أوّلهم وثانيهم وثالثهم الى تاسعهم ربما يلاقون في بعض طرقهم مع سلمان وأصحابه ، فإذا لقوهم إشمأزّوا منهم وقالوا : هؤلاء أصحاب الساحر والأهوج ، وهو الّذي يهيج في الحرب ، يعنون محمّدا وعليّا ، ثم يقول بعضهم : احترزوا منهم لا يقفون من فلتات كلامكم على كفركم فيكون فيه هلاككم ، فيقول أوّلهم : انظروا إليّ كيف أسخر منهم وأكفّ عاديتهم عنكم ، فإذا التقوا
__________________
(١) كشف الغمّة ص ٨٩ وعنه البحار ج ٣٦ ص ١٢٢.