ثم إنّ الاستهزاء وإن كان لا يخلو من التلبيس والعبث ، بل الجهل.
كما قالوا : (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) (١) ، والكلّ محال عليه سبحانه إلّا أنّه قد شاع تسمية جزاء الشيء باسمه. كما في قوله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) (٢).
(فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) (٣) ، (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً) (٤) ، (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) (٥) وقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهمّ إنّ فلانا هجاني اللهمّ فاهجه (٦).
وذلك إمّا لمقابلة اللفظ باللفظ ، أو لكونه مماثلا له في القدر ، او أنّ المراد إرجاع استهزائهم إليهم ، وردّ كيدهم في نحورهم ، فإنّهم وإن أصرّوا في استهزاء المؤمنين إلّا أنّه يعود وباله إليهم ، فيكونون كالمستهزء بهم ، أو لأنّه سبحانه ينزل بهم لوازم الاستهزاء من الحقارة والذلّة والهوان وغيرها في الدنيا والآخرة ، تسمية لللازم باسم الملزوم ، او أنّه يعاملهم معاملة المستهزئ المستخفّ ، حسبما مرّ في قوله تعالى : (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) (٧).
روى في العيون ، والمعاني ، والتوحيد ، والاحتجاج عن مولانا الرضا عليهالسلام انه قال : إنّ الله عزوجل لا يسخر ولا يستهزئ ولا يمكر ولا يخادع ، ولكنّه عزوجل يجازيهم
__________________
(١) البقرة : ٦٧.
(٢) الشورى : ٤٠.
(٣) البقرة : ١٩٤.
(٤) الطارق : ١٥ ـ ١٦.
(٥) آل عمران : ٥٤.
(٦) البحار ج ٣٣ ص ٢٢٩ مع تفاوت.
(٧) النساء : ١٤٢.