جزاء السخرية وجزاء المكر والخديعة ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوّا كبيرا (١).
وفي تفسير الإمام عليهالسلام : قال العالم ، يعني الكاظم عليهالسلام : فأمّا استهزاء الله تعالى بهم في الدنيا فهو إجراؤه إيّاهم على ظاهر أحكام المسلمين لإظهارهم السمع والطاعة ، وأمّا استهزاء بهم في الآخرة فهو أنّ الله عزوجل إذا أقرّهم في دار اللعنة والهوان وعذّبهم بتلك الألوان العجيبة من العذاب ، وأقرّ هؤلاء المؤمنين في الجنان بحضرة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، صفي الله الملك الديّان أطلعهم على هؤلاء المستهزئين بهم في الدنيا حتى يروا ما هم فيه من عجائب اللعائن وبدائع النقمات : فيكون لذتهم وسرورهم بشماتتهم كلذّتهم وسرورهم بنعيمهم في جنان ربّهم ، فالمؤمنون يعرفون أولئك الكافرين المنافقين بأسمائهم وصفاتهم ، والكافرون والمنافقون ينظرون فيرون هؤلاء المؤمنين الذين كانوا بهم في الدنيا يسخرون لما كانوا من موالاة محمّد وعلي وآلهما عليهالسلام يعتقدون ، فيرونهم في أنواع الكرامة والنعيم ، فيقول هؤلاء المؤمنون المشرفون على هؤلاء الكافرين المنافقين : يا فلان ، ويا فلان ، ويا فلان ـ حتى ينادوهم بأسمائهم ، ما بالكم في مواقف خزيكم ماكثون؟ هلمّوا إلينا نفتح لكم أبواب الجنان لتخلصوا من عذابكم ، وتلحقوا بنا ، فيقولون : يا ويلنا أنّى لنا هذا؟ فيقول المؤمنون : انظروا إلى هذه الأبواب ، فينظرون إلى أبواب من الجنان مفتّحة ، يخيّل إليهم أنّها إلى جهنّم التي فيها يعذّبون ويقدّرون أنّهم يتمكّنون من أن يخلصوا إليها فيأخذون في السباحة في بحار حميمها ، وعدو من بين أيدي زبانيتها (٢) ، وهم يلحقونهم يضربونهم بأعمدتهم ، ومرزباتهم (٣) ، وسياطهم ، فلا
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٣ ص ٣١٩ عن التوحيد والمعاني والعيون.
(٢) الزبانية عند العرب : الشرط ، سمّوا بعض الملائكة لدفعهم أهل النار إليها.
(٣) المرزبة : عصيّة من حديد.