يزالون هكذا يسيرون هناك ، وهذه الأصناف من العذاب تمسّهم حتى إذا قدروا أن قد بلغوا تلك الأبواب وجدوها مردومة (١) عنهم وتدهدههم (٢) الزبانية بأعمدتها فتنكّسهم (إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) ، ويستلقي أولئك المؤمنون على فرشهم في مجالسهم يضحكون منهم ، مستهزئين بهم ، فذلك قول الله عزوجل : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) وقوله عزوجل : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) (٣) (٤).
وروى ابن شهراشوب عن الباقر عليهالسلام أنّها نزلت في ثلاثة لمّا قام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالولاية لأمير المؤمنين عليهالسلام أظهروا الإيمان والرّضا بذلك ، فلمّا خلوا بأعداء أمير المؤمنين عليهالسلام (قالُوا : إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) (٥).
وفي المناقب عن تفسير الهذيل ومقاتل عن محمد بن الحنفيّة في خبر طويل (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) بعلي بن أبي طالب عليه السّلام وأصحابه ، فقال الله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) يعني يجازيهم في الآخره جزاء استهزائهم بأمير المؤمنين عليهالسلام.
قال ابن عبّاس : وذلك أنّه إذا كان يوم القيامة أمر الله الخلق بالجواز على الصراط فيجوز المؤمنون إلى الجنّة ويسقط المنافقون في جهنّم ، فيقول الله : يا مالك استهزأ بالمنافقين في جهنّم ، فيفتح مالك بابا في جهنّم الى الجنّة ويناديهم : معشر المنافقين هاهنا هاهنا فيسبح المنافقون في نار جهنّم سبعين خريفا حتى إذا بلغوا ذلك الباب وهمّوا بالخروج أغلقه دونهم وفتح لهم بابا الى الجنّة في موضع آخر
__________________
(١) المردومة : المسدودة.
(٢) دهدهه : دحرجه.
(٣) المطفّفين : ٣٤.
(٤) البحار ج ٦ ص ٥١ ـ ٥٢ والبرهان ج ١ ص ٦٣ ـ ٦٤.
(٥) تفسير البرهان ج ١ ص ٦٤ عن المناقب.