قوله : كما اشترى المسلم إذ تنصّرا.
فيمن استبدال النصرانيّة بالإسلام ، ثمّ اتّسع فيه فاستعمل فيما لم يكن مالكا للعوض واجدا له بالفعل كما في المقام على بعض المعاني بناء على تفسيره بالاختيار ونحوه.
ولذا قيل إنّ العرب تقول لمن تمسّك بشيء وترك غيره قد اشتراه وليس ثمّ شراء ولا بيع.
وفي كونه حقيقة فيه أو في الاستبدال مطلقا أو على بعض الوجوه وجوه بل أقوال ، ولعلّ الأوسط أوسط ، وما ذكرناه أوّلا مبنيّ على الأخير ولو لكونه حقيقة عرفيّة خاصّة شرعيّة أو متشرعة ، ولذا أضفنا إليه الاستعارة والاتّساع.
وعلى كلّ حال فقد ظهر اندفاع ما ربما يورد من الإشكال من أنّهم لم يكونوا على هدى فكيف اشتروا الضّلالة به مع أنّه قد يقال إنّ الآية نزلت في قوم استبدلوا الكفر بالإيمان الّذي كانوا عليه قبل البعثة ، لأنّهم كانوا يبشّرون بمحمّد ويؤمنون به فلمّا بعث كفروا به ، فكأنّهم استبدلوا الكفر بالإيمان على أنّ في الآية وجها آخر وهو أن تكون الباء للبدليّة ، والمعنى أنّهم اشتروا الضّلالة بدل الهدى وذلك أنّ الله تعالى وهو المالك لما ملكنا قد أحلنا في سبيل العبور إلى الآخرة الّتي هي دار الباقية في هذه الدّار الفانية الّتي هي متجر أولياء الله ومزرع أحبّائه وسوق التجارة بها قائمة وقد أعطانا رأس المال وهو ما منحنا من العمر والمال والقوّة وغيرها ، ودلّنا على تجارة رابحة بقوله تعالى فيما أنزل على نبيّه صلىاللهعليهوآله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ، تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ