مِنَ الْمَوْتِ) (١) على الأوّل.
وبه يسقط السؤال عن تمثيل الجماعة بالواحد فانّه لم يشبّه ذوات المنافقين بذات المستوقد ، بل المضاف إليها من صفة أو قصّة.
وقد يجاب عنه أيضا أنّ المقصود به جنس المستوقد لما في الّذي من معنى الإبهام إذا لم يرد به تعريف واحد بعينه ، وبان يقدّر الموصوف لفظا مفردا معناه الجماعة ، أي الفوج أو الجمع الّذي استوقد ، ولذا جاز في ضميره متابعة المعنى أيضا بناء على كون الضمير في قوله (بِنُورِهِمْ) له كما أجيز ذلك في قوله (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا) (٢) وقوله : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (٣) وبأنّ الّذي يكون للجمع أيضا في اللّغة الفصيحة كما صرّح به الأخفش وتبعه غيره ، وحملوا عليه الآيات بلا فرق بين ما لو قصد به مخصوص أولا ، وان قيّده ابن مالك بالثّاني ولذا حمل على الضرورة ـ قول أشهب بن زميلة :
وانّ الّذي حانت بفلج دماؤهم |
|
هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد |
وفيه أنّه كان للشاعر فيه المندوحة بأنّ الأولى حانت.
ولذا قال أبو حيّان أنّه لا يعرف أصحابنا هذا التّفصيل بل أنشد والبيت على الجواز في فصيح الكلام لا على الضرورة.
وبأنّ المعنى ومثل كلّ واحد منهم كقوله : (يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) (٤) أي يخرج كلّ واحد منكم ذكره الرازي وفيه نظر لأنّ الطفل لكونه مصدرا يستوي فيه الإفراد والجمع ، والآية على حدّ قوله : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ
__________________
(١) محمّد : ٢٠.
(٢) التوبة : ٦٩.
(٣) الزمر : ٣٣.
(٤) غافر : ٦٧.