المضيء ، والنور ما كان مستفادا من غيره نظرا إلى الآية ، وقيل غير ذلك ، ولكن التّرادف بحسب اللّغة لا ينافي الابلغيّة في غلبة الاستعمال.
ويستعمل لازما ومتعدّيا يقال : أضاء الشّيء بنفسه وأضاءه غيره ، وهي في الآية متعدّية بوقوعها على ما حوله أي حول المستوقد ، ويحتمل كون الفعل لازما مسندا الى ما حوله ، والتأنيث باعتبار المعنى ، أي صارت الأشياء والأماكن الّتي حوله مضيئة بالنار ، واعتضد بقرائة ابن أبي عبلة (١) (ضاءت) أو إلى ضمير النّار ، مع كون كلمة ما مزيدة وحوله ظرفا لغوا لأضاءت ، أو موصولة وقعت عبارة عن الأمكنة فتكون مع صلتها مفعولا فيه للفعل.
وتوهّم أنّ النّار يلزم أن توجد حينئذ حول المستوقد كي يتصوّر إضاءتها وإشراقها فيه.
مدفوع بانّه جعل إشراق ضوء النّار بمنزلة اشراق النّار نفسها فيه فاسند إليها اسناد الفعل إلى السّبب كما في بني الأمير ، وتأليف الحول للدّوران والإطافة ومنه الحول للعلم لأنّه يدور ، وأحوال الدّهر لصروفه ، وحال الإنسان ، والتّحويل والاستحالة يقال هو حوله وحواليه وحواله وأحواله بفتح اللام في الجميع بمعنى ، ولمّا ظرف أو حرف تدلّ على تحقق شيء لتحقّق غيره ، ولذا قيل : أداة وجود لوجود ، ووجوب لوجوب ، وان كان الاولى الاقتصار على الأوّل أو على الطّرفين مقلوبا ، ومعناها التّوقيت أو مجرّد الارتباط والعامل فيه جوابه وهو قوله : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) والضّمير للّذي ، وجمعه باعتبار المعنى ، كما أنّ توحيده في (اسْتَوْقَدَ) ، و (حَوْلَهُ) باعتبار اللّفظ ، ووجوب سببيّة شرط لمّا لجوابها مطلقا ممنوع ، ولذا قد تستعمل لمجرّد الظّرفية كما في قوله :
__________________
(١) هو ابراهيم بن أبي عبلة أبو إسحاق العقيلي الشامي المتوفى (١٥١ ه) أو بعدها.