كما أبرقت قوما عطاشا غمامة |
|
فلمّا رأوها أقشعت وتجلّت |
وحمل النّار على نار لا يرضاها الله تعالى كي تتمّ السببيّة تكلّف مستغنى عنه ، وإيثار نورهم على نارهم لكونه المراد من إيقادها أو الجواب محذوف والضمير للمنافقين.
وكان حقّ النظم أن يكون اللّفظ ؛ فلمّا أضاءت ما حوله أطفأ الله ناره ، أو طفئت ناره حين أضاءت ، لمشاكلة الجواب للشرط ، ولكن لمّا كان إطفاء النّار مثلا لإذهاب نورهم أقيم مقامه وحذف الجواب ايجازا أو اختصارا مع أمن اللّبس ، كما حذف في قوله : (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ) (١) وعليه فالجملة مستأنفة جوابا عمّا ربما يسئل ما بالهم ، شبهت حالهم بحال المستوقد انطفت ناره ، أو بدل من جملة التمثيل على وجه البيان والإيضاح لا الاسقاط ، ولكنّه قد يرجّح كونها جوابا بأنّ الأفصح الذكر مع عدم استطالة الكلام ، وانّ زيادة المبالغة في المشبه به تلزمها المبالغة في المشبه ضمنا ، مع أنّ ظهور وجه الشّبه يضعّف الاستيناف ، وفوات المعنى الّذي حذف جواب لمّا لأجله يوهن البدليّة ، لدلالتها على أنّ المذكور لفظا أوفى بتأدية الغرض ممّا حذف لقصور العبارة عنه.
وهذه الوجوه وإن تطرّق إليها بعض المناقشة إلّا أن مقتضى الأصل وظاهر السياق مؤيّدا بما سمعت بعد ضعف المناقشة هو الأول ، فتكون الجملة من تتمّة المثل مضافا إلى أنّه الظّاهر من كلام الكاظم على ما في تفسير الامام عليهالسلام قال : مثل هؤلاء المنافقين (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) كي يبصر بما حوله فلمّا أبصر (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) بريح أرسلها عليها فاطفأها أو مطر (٢) إلى آخر ما يأتي.
__________________
(١) يوسف : ١٥.
(٢) تفسير البرهان ج ١ ص ٦٤.