وقوله عليهالسلام : فكان مثلكم ، لبيان ما يترتّب على ذهابه صلىاللهعليهوآله من بينهم من ضلالتهم وغوايتهم ، وبه إشعار الى تأويله لآية أخرى ، وتشبيه تام كامل فيها وهي ما ذكره الله تعالى في وصف المنافقين حيث قال فمثلكم (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ) فالمراد استضاءة الأرض بنور محمّد صلىاللهعليهوآله من العلم والهداية ، واستدلّ عليهالسلام على أنّ المراد بالضّوء هاهنا نور محمّد صلىاللهعليهوآله بأنّ الله تعالى مثّل في جميع القرآن الرسول بالشمس ونسب إليها الضّياء ، والوصيّ بالقمر ونسب إليه النور ، فالضّوء للرّسالة والنور للامامة ، وهو قوله عزوجل : (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) وربما يستأنس لذلك بما ذكروه ، من أنّ الضّياء يطلق على ضوء النيّر بالذات والنور على نور المضيء بالنيّر ، ولذا ينسب النور إلى القمر لأنّه يستفيد النور من الشّمس ولما كان نور الأولياء مقتبسا من نور الرّسول صلىاللهعليهوآله وعلمهم عليهمالسلام من علمه عبّر عن علمهم وكمالهم بالنور وعن علم الرّسول صلىاللهعليهوآله بالضّياء ، وأشار به إلى تأويل آية أخرى وهي قوله عزوجل : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) (١) فهي إشارة إلى ذهاب النّبي صلىاللهعليهوآله وغروب شمس الرّسالة ، فالنّاس مظلمون إلّا أن يستضيئوا بنور القمر وهو الوصي عليهالسلام ثمّ ذكر عليهالسلام تتمّة الآية السّابقة بعد بيان أنّ المراد بالإضائة إضاءة شمس الرّسالة فقال المراد باذهاب الله بنورهم هو قبض النّبي صلىاللهعليهوآله فظهرت الظّلمة فلم يبصروا فضل أهل بيته عليهالسلام.
الى آخر ما ذكره طاب ثراه.
وفي تفسير الامام عليهالسلام عن الكاظم بعد ما مرّ عنه آنفا : كذلك مثل هؤلاء المنافقين الناكثين لمّا أخذ الله تعالى عليهم من البيعة لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام اعطوا ظاهرا شهادة أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأنّ
__________________
(١) يس : ٣٧.