فتكون مخصوصة بالخبر ثمّ استعيرت للتّساوي في غير الشك فاستعملت في غير الخبر.
ومعناها في المقام أن القصتين سواء في صحّة التمثيل وتشبيه حال المنافقين بهما فإن شئت مثّلت بهما أو بواحد منهما أيّهما شئت ، وهذا هو المعبّر عندهم بالإباحة كما في قولهم : جالس الفقهاء أو المحدّثين.
و (الصيّب) المطر الّذي يصوب أي ينزل من عل ، وأصله صيوب ، من الصوب أيضا ، بمعنى نزول المطر والإنصباب ، ويقال : الصيّب للسحاب ذي الصوب أيضا ، بل اقتصر عليه في معناه بعضهم ، وانشدوا :
عفا آيه نسج الجنوب مع الصبا |
|
وأسحم دان صادق الوعد صيّب (١) |
وفي الآية يحتملهما ، وإن كان الأكثر ، فسّروه بالأول.
وتنكيره إمّا للتعظيم ، تنبيها على بلوغه مبلغا لا يمكن أن يصرف ، أو للنوعيّة ، لأنّه أريد به نوع من المطر ، ممتاز من بين الأنواع في الشدّة والوحشة هذا مضافا إلى ما فيه من المبالغة من جهة المادّة والهيئة على ما قيل لتألّفه من الصاد المستعلية ، والياء المشدّدة ، والباء الشديدة ، وكونه صفة مشبّهة دالّة على الثبوت ، وهو على حذف مضاف تقديره أو كمثل أصحاب صيّب ، لقوله : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ) مع أنّ عطف غير العاقل على ذوي العقول غير معقول.
والسماء كلّ ما علاك فأظلّك ، ومنه قيل لسقف البيت سماء ، وهي اسم جنس يقع على الواحد والمتعدد ، وقيل : جمع سماة ـ كتمر وتمرة ، والواحدة بالتاء ، وشاع إطلاقها على هذا المعروف ، وإن كانت تطلق أيضا على السحاب والمطر ، وظهر
__________________
(١) أي محا آثار المنزل هبوبهما ، وأسحم أي سحاب أسود ، دان : قريب من الأرض ، صادق الوعد غير خلف ، والصيّب : الهطّال.