الفرس ، والسقف ، وغيرها ، فإن فسّر الصيّب بالمطر فالسماء السحاب ، أو جهة العلو ، أو هذا المعروف ، أو بالسحاب فأحد الأخيرين ، وعلى الوجهين ففائدة الوصف بكونه من السماء مع أنهما لا يكونان إلّا منه الإشعار ، بذكره على زيادة تصوير المراد لتطبيق أجزاء الممثّل له عليه على ما يأتي ، وبتعريفه الإشعار على كون الغمام مطبقا أخذا بجميع الآفاق مصيبا مطره جميع وجه الأرض ذهابا الى السماء المطلقة المعروفة ، ولو نكّرها لكان يذهب الوهم إلى قطعة منها فإنّ بعض السماء قد يسمّى سماء قال :
فأوه بذكراها إذا ما ذكرتها |
|
ومن بعد أرض بيننا وسماء |
فإنّ البعد بينهما قطعة من الأرض وناحية من السماء.
وأمّا ما يقال : من أنّ في التوصيف دلالة على بطلان ما توهّموه من انعقاد المطر وتقاطره من الأبخرة المرتفعة الى الكرة الزمهريريّة المتكاثفة هناك لشدّة البرد ففيه ما لا يخفى بعد ما سمعت من معاني السماء.
(فِيهِ ظُلُماتٌ) متراكمة بعضها فوق بعض ، تعبير عن بلوغ الغاية في الشدّة باجتماع الأمثال لازدحام الأسباب ، أو المراد ظلمة تكاثف السحاب وسواده وتتابع القطر المشبّه بظلمة البحر وظلمة الليل فصحّ الجمع بناء على تفسير المرجح بكل من السحاب والمطر ، واحتمل رجوعه إلى السماء أيضا فإنّه قد يذكر ، والجملة في موضع الجرّ بانّها صفة صيّب ، ولذا كان ارتفاع ظلمات بالظرف وفاقا ، وإن اختلفوا فيما لم يعتمد على موصوف بأنّه على الفاعليّة ، كما عن الأخفش ، أو على الابتداء كما عن سيبويه لاشتراطه الاعتماد في إعماله.
والقرّاء أجمعوا على ضمّ اللام اتّباعا ، وروي في الشواذ عن الحسن وأبي السماك بسكون اللام ، وعن بعضهم بفتحها ، وعلّلوه بكراهة اجتماع الضمتين ، فتارة عدلوا الى الفتح وأخرى الى السكون.